في ريبورتاج أعدته مونتي كارلو الدولية، ونُشر على موقعها الإلكتروني في سبتمبر/ أيلول، عام 2023م، بعنوان:
(ارتفاع معدلات الاعتداءات الجنسية في العراق)، مُشيراً إلى تصاعد معدلات جرائم اغتصاب النساء والأطفال في العراق، على الرغم من الإجراءات التي تتخذها الأجهزة الأمنية للحد منها، وعادة ما يرافق هذه الجرائم اختطاف الضحية بعد استدراجها، ومن ثم اغتصابها، وقتلها والتخلص من جثتها لإخفاء معالم الجريمة، وجاء ذلك على خلفية جريمة اغتصاب طفلة في اعترافات أدلى بها ثلاثة شباب، أقدموا على خطف طفلة تبلغ من العمر سبعة أعوام فقط، وتناوبو على اغتصابها ومن ثم قتلها، وكان قد عرض الاعترافات جهاز الأمن الوطني العراقي،و لم تكن الحالة الوحيدة، بل هناك العديد من هذه الجرائم التي يتم الإعلان عنها بفترات متقاربة، وحسب مديردائرة الشرطة المجتمعية في وزارة الداخلية العميد “غالب العطية”، فإن أهم الأسباب التي أدّت إلى ارتفاع معدلات جريمة الاغتصاب والتحرش، هي: (انتشار تعاطي المخدرات، والتفكّك الأسري، وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي، والمواقع الإباحية المفتوحة التي كان لها أثر سلبي صراحة، في تشجيع ودفع بعض الشباب والرجال للاعتداءات الجنسية).
عن أحدث جريمة حدثت، وهزّت الشاع العراقي، كتبت الإعلامية والكاتبة “منى سعيد”، عن حادثة اغتصاب لطفلة من ذوي الاحتياجات الخاصة، في عمود (أما بعد…) تحت عنوان “جريمة في حيّنا”، بصحيفة طريق الشعب العراقية، ونورد هنا العمود كامل، والذي يضم بعض من تفاصيل هذه الجريمة:
*أما بعد ..
جريمة في حيِّنا
هزت أركان حيّنا الشعبي الهادئ هذا الأسبوع وقائع جريمة مروّعة، تمثّلت باختطاف صبية لم يزد عمرها عن الخمسة عشر عاماً، من ذوي الاحتياجات الخاصة، تنتمي لعائلة بسيطة، يكدح فيها أب معوق أيضاً، بكسب قوته من تصليح الأدوات الكهربائية.
بيَّنت كاميرات التصوير كيفية الاختطاف مساءً من الشارع القريب من بيتنا، من قبل صبية يستقلون عربة ” التكتك” وجهوا لعنقها سكيناً وأجبروها على الركوب معهم.. لم توضح الكاميرا أشكال المختطفين بالضبط، وبينت الصبية التي كانت ترتدي ملابس طويلة تشبه ” إيزار الصلاة”.
مرت أربعة أيام عصيبة، وُجدت بعدها الصبية مرمية على مزبلة عند طرف الشارع الرئيس، لم تكن فاقدة الحياة، إنّما مُدماة، ضُربت بمشارط وسكاكين، وربما للمصادفة أو لذكائها، كانت تحفظ رقم هاتف والدها، استعانت بأحد المارة واتصل به.
هرع الوالد لها رفقة شباب الحي، حملوها للمستشفى تنازع آخر أنفاسها. تبيَّن بعد إنقاذها إنها أُخفيت في مبنى مستشفى قريب، مهجور لم يكتمل بناءه منذ التسعينات، وقد أصبح وكراً لتعاطي المخدرات والموبقات، هناك حيث تم اغتصابها وتعذيبها بشراسة.
تخيلوا، بدلاً من معالجة الناس في ذلك المستشفى الحكومي المزعوم ، صار وكراً للجريمة، فأي وضع مأساوي نعيش؟!
بتعاون الشرطة وهمة شباب الحي، ألقوا القبض على واحد من أفراد عصابة الخطف تلك، ومازال البحث متواصلاً عن الآخرين.
خلت شوارعنا من ضجيج الأطفال، رغم تمتّعهم بالعطلة الصيفية، مُنعوا من اللعب فيها خوفاً عليهم، ولم تجرؤ بعد أي فتاة من التمشّي بمفردها، ولا حتى التسوق من المحال القريبة..
هذه الحادثة، وغيرها مثال لما تعيشه المرأة العراقية من حالات التعرض للعنف والابتزاز، فالنساء قاصرات عن المواجهة ، مهمشات، مع غياب تمكينهن الاقتصادي، فضلاً عن غياب الملاذات الآمنة لهن عند تعرضهن للعنف ، بسبب الغياب التام لسلطة القوانين، والتعمُّد المقصود في المناورة، والتسويف والتأجيل لسن قانون الحماية من العنف الأسري في البرلمان، بل والسعي لإبطال المكتسبات القانونية لقانون الأحوال الشخصية رقم 188لعام 1959م ، فضلاً عن سعي بعض الأحزاب المتأسلمة، للالتفاف حول نصوصه، وإبدالها بما يعرف ب”القانون الجعفري”.
لكن إزاء كل هذا التعسف، تبقى المرأة العراقية باسلة بمواجهة العقبات، ومثلما ذكرت السيدة “شميران أوديشو”، بكلمتها في افتتاح مؤتمر رابطة المرأة العراقية – فرع بريطانيا المقام أخيراً في مدينة السليمانية، تحت شعار “المرأة العراقية بين العنف والتحديات القانونية”: (نحن القادرات على بناء مستقبل أفضل وأجمل).
فعلياً المرأة العراقية مقدامة في صراعها مع شتى المعوقات، ولا أدل من صمودها في تجاوز أزمات الحروب، والتصدي للطغمة الحاكمة، عبر كفاحها المسلح في كردستان، وفي نضالها ضد كل أشكال التعسف والقمع ، ساعية لنشر قيم العدالة والسلام من أجل مستقبل عراقي مضيء.
المصادر:
*صحيفة طريق الشعب العراقية، العدد 116، السنة 89، الخميس 16 أيار/مايو، 2024.
*الوقع الإلكتروني لإذاعة”مونتي كارلو الدولية”، 26/ 9/ 2023م:
*إعداد: خولة حسن الحديد.