أطلق الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”عام 2020م، رؤية خاصة تحت عنوان”جعل كرة القدم عالمة حقاً”، تتحدد أهدافها وأبعادها ما بين 2020 و2023م في حماية لعبة كرة القدم وحماية سلامتها، وإتاحة اللعبة للجميع، والترويج للرياضة الآمنة كجزء من جهود أوسع لحماية حقوق الإنسان، وضمن هذا الإطار كان برنامج حماية “حراس فيفا”، الذي يوفر إطاراً لمساعدة الاتحادات ال211 الأعضاء، على منع أي خطر يُلحق الأذى بالأطفال في كرة القدم، والاستجابة بشكل مناسب، وفقا للمادة 3 من نظام “فيفا” الأساسي، وتماشياً مع المادة 23 من قانون “فيفا” الأخلاقي.
تحت عنوان: “التأثير الاجتماعي… الوقاية وحماية الطفل”، جاء في بيانات وإعلانات “فيفا” ما يلي:
الوقاية:
*تعني الوقاية، اتخاذ إجراءات استباقية لدرء الأذى، أو الإساءة عن الناس من خلال تدابير الوقاية، والاستجابة المناسبة وتعزيز رفاههم، وتعني أيضاً بذل كل ما في الوسع لتحديد المخاطر، ومعالجتها، ومنع حدوث أي نوع من الأذى، أو الإساءة مثل الإساءة الجسدية، والجنسية، والعاطفية، والإهمال والاتجار والاستغلال، وتفيد كذلك وجود أنظمة مناسبة معمول بها، لمعالجة المخاوف والاستجابة لها بشكل مناسب.
*تُعد حماية الطفل جزءاً أساسياً من الوقاية، حيث تُشير إلى الإجراء المتخذة من أجل الاستجابة لمصدر قلق محدد لطفل، أو أطفال قد يعانون، أو يتعرضون لخطر المعاناة من الأذى أو سوء المعاملة، يتطلب الأمر الإحالة إلى خدمات حماية الطفل المتخصّصة، ووكالات إنفاذ القانون، والمنظمات المحلية المتخصّصة، والمدربة على تقديم المشورة بشأن القضايا وإدارتها، إذا نشأت مخاوف بشأن رفاهية الطفل.
*يملك كل شخص في عالم كرة القدم الحق في الوقاية من التحرش، وسوء المعاملة والاستغلال – سواء كان ذلك جسدياً، أو عاطفياً، أو جنسياً، أو الإهمال أو التنمر، وعندما يتعرض أعضاء عائلة كرة القدم، مثل اللاعبين، أو المدربين، أو المسؤولين، أو المتطوعين أو الموظفين، لسلوك مسيء، أو سوء سلوك أو ينخرطون فيه، فإن ذلك يُقوض مهمة “فيفا”،ويتعارض مع تعزيز نزاهة كرة القدم، وقيم الرياضة السليمة.
*يتمتع الأطفال (كل من هم دون سن 18)، بحقوق محددة في الوقاية، على النحو المنصوص عليه في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل (1989م)، بسبب حاجتهم إلى الرعاية، وبسبب اعتمادهم على الآخرين، كما يحدد “فيفا” أيضاً الشباب الذين تزيد أعمارهم عن 18 عاماً، والنساء والأشخاص ذوي الإعاقة على أنهم مجموعات ضعيفة بشكل خاص، يجب حمايتهم أثناء تقديم لعبة كرةالقدم.
*الأدوات المرجعية لتحقيق الوقاية
*يقدم “فيفا”، مجموعة من الأدوات، والتي يعتبرها مرجعاً لجميع أصحاب المصلحة، الذين يعملون في مجال حماية الأطفال في كرة القدم، وعلى وجه التحديد، فإنها مخصصة للاتحادات الأعضاء من أجل:
-تعزيز المساءلة، والمسؤولية للحفاظ على الأطفال في مأمن من الأذى، عند المشاركة في أي نشاط لكرة القدم.
-إجراء التقييم الذاتي، والاستفادة من هذه الأدوات لتطوير سياساتها، وخططها وبرامجها المتعلقة بالحماية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالموارد البشرية واحتياجات التدريب.
-مساعدة المنسقين، والموظفين الفنيين في عمليات تقييم المخاطر، وتطوير خطط وبرامج الحماية.
-دعم الممارسين، مثل المدربين، والعاملين في المجال الطبي، والموظفين والمتطوعين، الذين يقدمون الخدمات والتدريب والبرامج للأطفال، لتطبيق الممارسات الجيدة من أجل عمل فعال.
-التوعية الإلزامية لجميع موظفي الأندية، بخصوص لوائح حماية الطفل، وخاصة بالنسبة للموظفين الذين يتعاملون بشكل مباشر مع الأطفال.
تجديد الدعوة لمناهضة الاعتداء في قطاع الرياضة
في الخامس من يونيو الماضي/ 2023م، وخلال جلسة استماع نظمتها الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، في “ويستمنستر” بالممكة المتحدة، قدم نائب أمين عام “فيفا”وكبير مستشاري الرئيس”ألاسدار بيل”، أحدث المعطيات حول اكتشافات عملية التشاور، من أجل إحداث هيئة عالمية متعددة الرياضات، واستمع السياسيون المجتمعون من الدول الأعضاء عبر جميع أنحاء أوروبا إلى دعوة “فيفا” لإنشاء هيئة عالمية مستقلة، للمساعدة من أجل بناء الثقة، وتقديم خدمات الدعم المتخصصة اللازمة، التي من شأنها أن تسمح للضحايا بالخروج من عزلتهم، ومن شأن هذه الهيئة أيضاً أن تدعم الجهود الجارية لتطوير حلول وطنية ،لضمان التصدي لحالات الإساءة في الرياضة على جميع المستويات، وفي جميع البلدان، ووقال “بيل” لأعضاء الذراع البرلمانية لمجلس أوروبا المؤلف من 46 دولة: (نحن نتحدث عن أمر عالمي بطبيعته، علينا أن نتفهم أن العديد من الاتحادات الرياضية الوطنية والاتحادات الرياضية الدولية، تملك قدرة، وموارد وخبرات محدودة للتعامل مع هذه الإشكالية، لذلك لن تختفي هذه الظاهرة بالنظر للموارد المتاحة لديها، ويبدو لي ، كما يبدو لـ “فيفا”، أنه نظراً لطبيعة المشكلة ولأبعادها وطابعها الدولي، فهي مجال يكون فيه تجميع المعرفة، والموارد والخبرة، خطوة منطقية ضمن جهود مناهضة الظاهرة).
بعد الدعوة التي أطلقها رئيس “فيفا”، من أجل التشاور في عام 2021م، بدأت عملية بحث والتزام واسعة النطاق للمساهمين، وقد شارك أكثر من 230 من الخبراء، والفاعلين في مشاورات دولية، أولية مستقلة، لبحث الفجوات السائدة، واختبار الحاجة إلى هيئة دولية متعدد الرياضات.
أكّدت النتائج، التي نُشرت في تقرير الاستشارة في أكتوبر/تشرين الأول ٢٠٢١م، إن الرياضة تفتقر إلى القدرة والخبرة للتعامل مع قضايا الانتهاكات، وإن العديد من الثغرات لا تزال موجودة في الرياضة وأنظمة العدالة الجنائية على المستوى العالمي، وأن الضحايا لا يثقون في الأنظمة الموجودة، وأوصى التقرير بضرورة إنشاء هيئة دولية مستقلة للرياضة الآمنة، تكون مزودة بخدمات متخصّصة في مجال علم الصدمات اللازمة من أجل دعم الضحايا، ومساعدة الاتحادات الرياضية الدولية، في التحقيق في حالات الاعتداء والإساءة.
كانت “جويس كوك” وبتكليف من رئيس “فيفا”، قد قادت جميع مراحل المشاورات، وقدمت نتائجها لأعضاء الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا في لندن، ومن موقعها كمسؤولة عن إحداث قسم خاص بحماية الطفولة، والمحافظة عليه داخل “فيفا”، وصفت كوك الاعتداء على أنه: (أحد أكبر المخاطر التي تهدد النزاهة في ميدان الرياضة)، وقدمت دلائل على تنقل المعتدين من منطقة إلى أخرى، ومن رياضة إلى أخرى، مشددةً على أن (عدم التحرك ليس اختياراً).
“باتريس إيفرا” الكابتن الأسبق لكل من منتخب فرنسا ونادي مانشستر يونايتد، كان من ضمن من حضروا جلسة الاستماع في لندن، وعن هذه القضية قال:
(أنا على علم بأن العديد من المؤسسات نشطة في هذا المجال، لكن علينا أن نتكيّْف، إننا نملك قناً خاصاً بمحاربة تعاطي المخدرات، ونحاول اجتثات العنصرية من الرياضة، لكن ماذا عن حماية الأطفال؟
علينا أن نبدأ من هذه اللحظة، لأنها مسألة استعجالية، أريد من كل الحاضرين هنا اليوم أن يعودوا لأوطانهم ويفكروا في أولئك الأطفال الليلة، علينا البدء في تحركنا الآن، علينا أن نجعل من ذلك أولوية حقيقة، فخلال ٢٤ ساعة سنختتم (الناس والإعلام) منافسات الدوري الممتاز، ما الذي يمنعنا من حماية الأطفال بنفس القوة؟ لقد كنت ضحية للاعتداء، وتخطيت الاعتداء، أعرف جيداً أن ذلك موضوع حساس، لكني لا أطلب الشفقة بل أطلب أن تتغير الأمور، وأنا مستعد لأن أقوم بدوري في هذا التغيير، إن هذه المسألة هي أهم بالنسبة لي من الفوز بلقب الدوري الممتاز).
*المصدر: الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، الموقع الإلكتروني: https://publications.fifa.com/en/vision-report-2021/the-year-in-review/
*إعداد: خولة حسن الحديد.