هل يتحرّش الأطفال ببعضهم بعض؟
متى يُمكن أن يصل هذا السلوك إلى سلوك خطير، يستدعي التدخّل من أولياء الأمور والمعلمين والمتخصّصين؟ ومتى يتطلب الأمر استجابة فورية للمشكلة قبل أن تتحول إلى مشكلة خطيرة؟
انشغل العديد من المتخصصين النفسيين، والتربويين والاجتماعيين بالإجابة عن هذه الأسئلة، ونُشرت الكثير من الدراسات التي تبحث في موضوع تحرّش الأطفال بعضهم ببعض، وفيما يلي تلخيص لعدد من هذه الدراسات.
*دراسات أجنبية
–دراسة الجمعية الأميركية للبحوث التربوية، والتي نشرتها خلال مؤتمرها السنوي عام 2014م، وأعدّتها كل من “سارة رينهارت ونانارتا دوشي ودرورثي اسيبلاج” من جامعة إلينوي-أوربانا شامبين، بعنوان: ( تجارب التحرش الجنسي والعنف الجنسي بين شباب المدارس المتوسطة)، واعتُبرت هذه الدراسة من أهم الدراسات المسحية التي تقصّت عن التحرش والعنف الجنسي بأشكاله المختلفة، بين طلبة المرحلة المتوسطة في أمريكا.
خلصت الدراسة إلى أن طلاب المدارس في المرحلة المتوسطة، قد عانوا من مجموعة واسعة من تجارب العنف الجنسي المزعجة، والتجارب هذه كانت تتم بين الأقران من الطلبة، ويبدو أن الكبار لم يعالجوا تلك المشكلات، وأنه يجب أن تستهدف الجهود التربوية منع العنف الجنسي وكراهية المثليين الشباب في سن المراهقة المبكرة قبل المدرسة الثانوية، كما تحتاج المدارس إلى الاعتراف بأنها قانونياً هي المسؤولة عن التحدّث إلى الشباب والبالغين في المدارس، حول تعريف التحرش الجنسي، والإبلاغ عن مثل هذه السلوكيات، كما يحتاج الشباب إلى فهم حقوقهم في الالتحاق بالمدارس بدون الخوف من التعرض للتحرش والعنف الجنسي، وتُلخص الأشكال التالية عناصر الدراسة وأهم نتائجها:
– دراسة الجمعية الأميركية للنساء الجامعيات، والتي أجريت خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران من عام 2011م، بعنوان: ( تجاوز الخط: التحرش الجنسي في المدارس)، وشملت عيّنة من مئات الطلاب الذين ينتظمون في المدارس الأمريكية ما بين الصف السابع والثاني عشر، وتضمّنت هذه الدراسة عدد من المتغيرات من بينها الجنس والخلفية الثقافية، والوضع الاقتصادي للأسرة، وبحثت في أبرز أشكال التحرش شيوعاً بين الطلبة من الفئات المستهدفة، وتقصّت عن أبرز آثار التعرض للتحرش والعنف الجنسي على الأطفال، واختلاف هذه الآثار حسب المتغيرات المذكورة، موضّحة العلاقات المختلفة بين المتغيرات ببيانات إحصائية رصينة، لذلك تميّزت هذه الدراسة بثراء المعلومات، والمعطيات الإحصائية الهامة، والتي تُشكّل دليلاً للعمل على الخطط المستقبلية مع الطلبة، وتُبين الأشكال التالي أبرز جوانب وعناصر هذه الدراسة، ومتغيراتها:
دراسات عربية
– التحرش الجنسي في المدارس المتوسطة من وجهة نظر المرشدين الطلابيين في مدينة الرياض، للباحث السعودي الطيار ” فهد بن علي بن عبد العزيز”، نُشرت في مجلة الفكر الشرطي التي يصدرها مركز بحوث الشرطة في القيادة العامة لشرطة إمارة الشارقة، في الإمارات العربية المتحدة عم 2015م، وهدفت هذه الدراسة إلى تحديد العوامل المؤدّية إلى التحرش الجنسي من وجهة نظر المرشدين الطلابيين، و تحديد مظاهره، و الآثار المترتبة عليه، و هل هناك فروق ذات دلالة إحصائية في آراء عينة الدراسة نحو محاورها، باختلاف عدد من المتغيرات (التخصص، العمر، عدد سنوات العمل في التعليم، عدد سنوات العمل في الإرشاد،المؤهل العلمي) وبيان طرق علاج التحرش الجنسي، واستنتاج مجموعة من التوصيات، والتدابير التي يمكن الاعتماد عليها للحد من هذه الظاهرة.
اختار الباحث عينة عشوائية غير منتظمة، من مجتمع المرشدين الطلابيين في مدارس المرحلة المتوسطة حكومية أو أهلية داخل مدينة الرياض، و قد بلغ عددهم (120) مرشداً طلابياً بنسبة (29 %) من إجمالي مجتمع الدراسة، و قد اعتمدت الدراسة على الاستبيان كمقياس وأداة لجمع المعلومات.
خلصت نتائج الدراسة إلى أن أبرز العوامل المؤدّية للتحرش الجنسي في المدارس من وجهة نظر المرشدين، كانت: مجالسة رفقاء السوء، الإغراءات المادية، غياب الوازع الديني، ضعف الرقابة المدرسية، وأما أهم المظاهر التي يتبّدى فيها سلوك التحرش، فكانت: (سلوك جنسي لفظي، غمز، تعابير و إيماءات بالوجه، سلوك جسدي، تحرش باللمس).
كما أشارت الدراسة إلى أبرز آثار التحرش الجنسي على الطلبة، كانت التالية: (آثار صحية: وأبرزها اضطرابات النوم، و نفسية: وأبرزها الخوف والهلع، واجتماعية: أهمها كان فقدان الثقة بالآخرين، فقدان الثقة بالذات، وتربوية: وأهمها كان تدهور في التحصيل الدراسي).
لم تجد الدراسة توجد فروق ذات دلالة إحصائية في آراء عينة الدراسة، نحو محاورها الأساسية، باختلاف المتغيرات (التخصص، العمر،عدد سنوات العمل في الإرشاد،المؤهل العلمي)، كما أوصت بوضع إجراءات رادعة للطالب المتحرش، وتأكيد دور المرشدين الطلابيين في اكتشاف بوادر الانحراف، والتعامل معها بأساليب تربوية سليمة.
-دراسة حول انتشار ظاهرة العنف الجنسي بين طلبة المدارس في الإمارات، قامت بها الدكتورة في علم النفس العيادي “هند ربحي”، ونشرت بعض نتائجها في صحيفة الإمارات اليوم في أيار/ مايو 2009م.
أجريت الدراسة على عينتين، الأولى كانت عينة مكوّنة من 250 طالبة، من خمس مدارس في الدولة تدرس المنهجين البريطاني والأميركي، وقد كشفت أن 5٪ من الطالبات في المدارس الخاصة في الدولة، التي تراوح أعمارهن بين 14 و17 عاماً، تعرضن للتحرش أو للاغتصاب الجنسي من قبل سائقي الحافلات المدرسية أو فراشي المدرسة، وأشارت “ربحي” في حديث للصحيفة المذكورة: (إن بعض الطالبات في المدارس الحكومية التي تراوح أعمارهن بين ثمانية أعوام و14 عاماً، تعرضن للتحرش من قبل سائقي الحافلات وعاملين في محال تجارية في مناطق سكنهم، وإن بعض الطالبات من أسرة واحدة من الجنسية الآسيوية، اشتكين من تعرضهن للتحرش الجنسي من قبل والدهن بأسلوب متكرر، قبل ذهابهن إلى المدرسة).
تكوّنت عينة الدراسة الثانية من أكثر من 170 طالباً من ثلاثة مدارس خيرية في دولة الإمارات، وأظهرت أن 10٪ من الطلبة تعرضوا للتحرش من قبل الطلاب الأكبر منهم سناً، وفي حوارها مع الصحيفة ولفتت “ربحي” إلى أن بعض المعلمين في المدارس يعانون من مشكلات نفسية واجتماعية، أثرت سلباً في سلوك الطلاب، موضحة أنه لا يجوز تعيين المعلم الذي لا توجد لديه الخبرة الكافية لمهنة التدريس، لأنه سيعلّم الطلاب الفساد والجهل، مشيرة إلى أن بعض المعلمين الأجانب لا توجد لديهم الخبرة الكافية في التعامل مع الطلاب والطالبات أخلاقياً ومهنياً، وطالبت وزارة التربية والتعليم بضرورة مراقبة المدارس الحكومية والخاصة لحماية الطلاب من التعرض للاستغلال والتحرش الجنسي، إضافة إلى تصنيف المعلمين وإخضاعهم لدورات تربوية، بهدف تعليم المعلم كيفية التعامل مع طلبة المدراس أخلاقياً وتربوياً.
من الجديد بالذكر، أن مؤسسة نداء قد نشرت في هذا الموقع مقالات حول الطفل المتحرش، وأسباب شيوع هذا السلوك بين الأطفال، ويُمكن العودة لقراءة هذه الموضوعات في خانة (أخبار ومقالات).
*ملاحظة:
تتوفر لدى مؤسسة نداء البحوث الأمريكية المذكورة، بصيغة ملفات بي دي إف، باللغة الانكليزية، ويُمكن للمهتمين بالحصول عليها، مراسلة المؤسسة على بريدها الإلكتروني الموجود في الموقع، أو على أي من حسابات المؤسسة على مواقع التواصل الاجتماعي، والمتوفرة عناوينها في الموقع.
*المصادر:
–صحيفة الإمارات اليوم، 3 مايو 2009، الموقع الإلكتروني: https://www.emaratalyoum.com/local-section/2009-05-03-1.132039
– قناة الجزيرة، الموقع الإلكتروني: https://www.aljazeera.net/midan/miscellaneous/2019/2/23/%D8
*مجلة الفكر الشرطي، مركز بحوث الشرطة في القيادة العامة لشرطة الشارقة، المجلد 24، العدد 3 (31 يوليو/تموز 2015)، ص ص. 21-90، 70ص.
-Crossing the Line: Sexual Harassment at School, American Association of University Women, By: Catherine Hill,and Holly Kearl, M.A. 2
– Sexual Harassment and Sexual Violence Experiences Among Middle School Youth, American Educational Research Association, By: Sarah Rinehart, Namrata Doshi, & Dorothy Espelage , University of Illinois at Urbana-Champaign, 2014.
*إعداد: خولة حسن الحديد.