الأسقف كارلوس بيلو الحائز على جائزة نوبل في السلام في مواجهة اتهامات باعتداءات جنسية على الأطفال

*من بطل قومي إلى مغتصب أطفال!

يعيش الأسقف “كارلوس فيليبي بيلو”، أسوأ حالاته، منذ توجيه أصابع الاتهام  إليه بالاعتداء جنسياً على أطفال خلال الفترة الممتدة من عام 1980م لغاية عام 2000م، وفق ما ورد في المجلة الأسبوعية الهولندية ” De Groene Amsterdammer” في تحقيق استقصائي نشرته المجلة وتم تداوله على نطاق واسع عالمياً.

تقول مجلة “لا كروا الفرنسية” نقلاً عن الأسبوعية المذكورة، إن الأسقف الفخري لديلي، عاصمة تيمور الشرقية، متهم بارتكاب عمليات اغتصاب، واعتداءات جنسية على شبان قاصرين، وقعت من ثمانيات القرن الماضي ولغاية عام 2000م، وأكّد الفاتيكان على معلومات تفيد بفرض عقوبات على الأسقف “بيلو”، في عام 2020م ، ولم يرغب الأخير في التعليق على هذه الاتهامات.

وبحسب المجلة الفرنسية المذكورة، قامت المجلة الأسبوعية الهولندية، في تحقيق لها  بجمع حوالي عشرين مصدراً من تيمور الشرقية من أوساط مختلفة، سواء من أوساط رجال الدين، سياسيين أومنظمات غير حكومية.

كما أدلى الضحايا المزعومين بشهاداتهم، وكشفوا عن الطريقة التي كان فيها الأسقف ينفذ اعتداءاته، ومما كشفوه أن الأسقف وخلال القيام بجولاته وتنقلاته، كان يدعو شبان قاصرين إلى مقر إقامته، وهناك كان يقوم بالاعتداء عليهم جنسياً، أو حتى اغتصابهم، وحينها لا يتردد الأسقف بشراء سكوتهم :(فقد كان يعلم أن هؤلاء الصغار لا يملكون النقود، ولهذا السبب كانوا ينفذون ما يطلب منهم عندما يدعوهم). هذا ما صرّح به رجل يبلغ الآن من العمر 42 عاماً، ويعتبر نفسه أحد ضحايا اعتداءات الأسقف “بيلو”.

الأسقف “كارلوس بيلو” الحائز على جائزة نوبل للسلام، وعدد من الجوائز
العالمية والإقليمية

صمت حكومة تيمور الشرقية والكنيسة والعاملين في المجال الإنساني

ذكرت المجلة الأسبوعية، إن هناك آخرين لم يتقدموا في تيمور الشرقية بالشكوى، نظراً لما تتمتع به الكنيسة من نفوذ وتأثير، وقالت إن تحقيقاتها أظهرت أن انتهاكات “بيلو” كانت معروفة لحكومة تيمور الشرقية، وللعاملين في المجال الإنساني والكنيسة، ونقلت المجلة عن “روبرتو”، أحد الضحايا قوله: (اغتصبني الأسقف واعتدى عليّ جنسياً في تلك الليلة، في الصباح الباكر طردني، كنت خائفاً لأنه كان لا يزال  الظلام في الخارج، لذلك اضطررت إلى الانتظار قبل أن أتمكن من العودة إلى المنزل، كما أنه ترك لي المال، كان من المفترض أن أبقي فمي مغلقاً، وللتأكّد من أنني سأعود).

الجدير بالذكر، أنه وخلال تلك الفترة، كانت تعاني تيمور الشرقية من فقر مدقع، بالإضافة إلى مجاعة، بسبب الحرب والاحتلال الأندونيسي لها.

 في عام 1983م، ترأس الأسقف “بيلو: الكنيسة الكاثوليكية في تيمور، في عهد البابا يوحنا بولس الثاني، وكانت الكنيسة قد اتخذت حينها موقف الدفاع عن المقاومة ضد الاحتلال الأندونيسي، وليصبح الأسقف بسرعة، أحد أبرز وجوه المدافعين عن حقوق الانسان في تيمور الشرقية.

يذكر موقع “لا كروا”، أن لجنة نوبل منحت في عام 1993م، الأسقف “بيلو”  جائزتها للسلام، بينما حصلت تيمور الشرقية على استقلالها في عام 2002م، وفي ذلك الوقت،بدأت تطفو على السطح الاتهامات ضده,، ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراءات بحقه، نظراً لحالة عدم الاستقرار التي كان تمر بها البلاد، إلى جانب الخوف من أعمال الانتقام – وفق مزاعمهم-.

الفاتيكان يتحرك بعد عقد من الصمت على الانتهاكات

في إجراء مفاجيء، رداً على هذه الاتهامات، قام بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثاني، بإعفاء الأسقف “كارلوس بيلو” من مهامه، وعلل أسقف ديلي هذا الإجراء في أنه جاء نتيجة ( تعبه العقلي والجسدي )، وتم ترحيله إلى موزامبيق للقيام بمهمة (عمل رعوي لتعليم الشبان ) وفق ما أفاد به، وفي الوقت الحالي يقيم الأسقف في البرتغال، ولم يقم بزيارة إلى بلده الأصلي تيمور الشرقية .

كما وأصدر الفاتيكان في عام 2020م، في نهاية المطاف، عقوبات تأديبية ضد”بيلو”،وكان الفاتيكان قد استلم ملف الاتهامات ضدالأسقف منذ عام 2019م، وشملت هذه العقوبات  تقييد تحركاته، وكذلك الأمر إعلان “حظر تواصله التطوعي مع القاصرين،أو المقابلات والتواصل مع تيمور الشرقية”، وفق ما أفاد به المتحدث “ماتيو بروني”، من مكتب الفاتيكان في بيانه. وأضاف البيان أن العقوبات ” تم تعديلها وتعزيزها”، في تشرين الثاني عام 2021م، والسؤال الذي تطرحه المجلة: كيف أن البابا يوحنا بطرس الثاني، أمر باستقالة “بيلو” من الكنيسة في تيمور الشرقية في أوائل عام 2002م، وفي الوقت نفسه، سمحت السلطات الكنسية بإرساله إلى موزامبيق حيث كان يعمل مع الأطفال؟

هذا وقد تسببت أخبار سلوك “بيلو”، في إحداث صدمة لدى الدول الفقيرة ذات الكثافة الكاثوليكية في جنوب شرق آسيا، حيث كان يُنظر إليه كبطل في نضاله من أجل استقلال تيمور الشرقية عن الحكم الأندونيسي.

ضمن هذا السياق، وبعد تزايد حالات الاعتداءات الجنسية في الكنائس الفرنسية تشكلت لجنة تحقيق مستقلة، وضمن إجراءاتها خصصت رقم هاتف بغية إدلاء الضحايا بقصصهم عن الاعتداءات التي حصلت معهم منذ تاريح عام 1950م. وكانت المفاجئة أن عدد المتصلين الذين أدلوا بشهاداتهم، حول تعرضهم لاعتداءات جنسية في الكنائس قد وصل إلى أكثر من ألف شخص لغاية عام 2019م، رووا بمكالمتهم حادثة الاعتداء عليهم، والغالبية منهم تبلغ أعمارهم فوق 50 عاماً.

المصادر:  

*مجلة De Groene Amsterdammer الهولندية.

*مجلة لاكروا ( الصليب ) الفرنسية.

*إعداد: دلال ابراهيم، نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة نداء، القسم الإعلامي.