هل الاعتداء الجنسي على الأطفال اضطراب سلوكي واعتلال نفسي؟

*دراسة بحثية

لماذا يصرّ شخص ما على القيام بفعل الاعتداء الجنسي على طفل، رغم كونه ضد كل القيم والأعراف؟

كيف يُمكن لشخص ما الاعتداء الجنسي على طفل من أفراد عائلته، أو ممن هم تحت ولايته وحمايته؟

وما الذي تعكسه هذه الظاهرة التي تقاوم بشراسة كل محاولات قمعها؟

حاول العديد من الباحثين والمتخصصين الوصول إلى إجابات لتلك الأسئلة، وتوصلت أبحاثهم لنتيجة مؤكّدة، وهي أن المتحرش إنسان ذو سلوك مضطرب بصرف النظر عن عمره أو مستواه الاجتماعي أو الثقافي، ولكن بعض الباحثين توصلوا إلى نتائج مغايرة، تؤكّد غياب صفة “الاعتلال النفسي” عن المعتدين جنسياً على الأطفال، حتى لو كان الشخص يحمل بعض السمات من اضطرابات الشخصية، فإن الاعتداء الجنسي لا يُمثل حالة اعتلال أو مرض نفسي، ومن هؤلاء الطبيب النفسي “أحمد عبد الله”، الذي توصل من خلال أطروحته للدكتوراه التى جاءت تحت عنوان “الاعتداء الجنسي على الأطفال الإناث، الانتشار والاعتلال النفسي”، إلى أن المتحرش ليس مريضًا نفسيًّا، بل هو شخص مُدرك لأفعاله، ولكنه يعاني خللًا يجعله يتصرف بعنف تجاه الآخرين.

تكشف الدراسة التى بلغت المشارِكات فيها 263 طالبة، مع تطبيق التقييم الإكلينيكي للأعراض العصبية والنفسية، أن الاعتداء الجنسي هو نوع من أنواع العنف والعدوان، الذي يمارسه بعض الأشخاص كرد فعل لعدة أسباب: منها البيولوجية مثل ارتفاع معدلات التلوث البيئي، ما يسبب ميلًا إلى العنف، كما توجد أسباب نفسية واجتماعية وسياسية، مثل التفكك الأسري، والزحام، والقمع، أو الحرمان من الاحتياجات الأساسية.

يؤكّد “عبد الله”، أن هذه العوامل عندما تجتمع مع غياب للضمير والمبادئ والتربية الصحيحة، يصبح سلوك الشخص مائلًا لكل أشكال العنف بشكل عام، ومنها التحرش الجنسي.

كما أوضحت نتائج الدراسة التى أجريت عام 2007م، أن متوسط النسبة الإجمالية لحصول الاعتداء الجنسي للعينة كلّها بلغت 41% بمعدل 35% في عينة الريف، و49% في عينة الحضر.

حسب نتائج دراسة ” عبد الله”، حتى وإن حمل الشخص بعض عوامل الاضطراب أو الاعتلال النفسي، فليصبح معتدياً جنسياً، يجب أن تتضافر تلك العوامل مع غياب الضمير والمبادىء والتربية الصحيحة، ومن هنا يتم تصنيف الاعتداء الجنسي على أنه “جريمة” وليس مرض، وظاهرة اجتماعية جرمية، وعلاج هذه الظاهرة ومنع انتشارها، لا يتم إلا بالتربية السليمة، وعبر التوعية والتثقيف ضمن سياقات زمنية طويلة، تبدأ من الأسؤة والمدرسة ولا تنتهي في كل المؤسسات المجتمعية.

المصدر: https://www.scientificamerican.com ، التحرش الجنسي.. اضطراب سلوكي يدعمه خلل مجتمعي، هدى المكاوي، 19 ديسمبر، 2016م.