تقرير دولي: رحلة مروعة…الأطفال والشباب العابرون عبر البحر الأبيض المتوسط ​​معرضون لخطر الاتجار بهم واستغلالهم

في تقرير دولي نُشر في السابع عشر من ديسمبر عام 2017م، على موقع “اليونيسيف” والذي أعدته المنظمة بالشراكة مع المنظمة الدولية للهجرة، وتحت عنوان (رحلة مروعة)، تتكشّف المستويات العالية من الخطورة التي يواجهها الأطفال والشباب المهاجرين، وتعرض عدد كبير منهم للاستغلال الجنسي، ووقوعهم ضحايا الإتجار بالبشر، أو الزيجات المرتّبة قسراً.

77% من الأطفال المهاجرين تعرضوا للاستغلال الجنسي

يقول التقرير إن الأطفال، والشباب المهاجرون واللاجئون الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا، يواجهون مستويات خطيرة من انتهاكات حقوق الإنسان، 77٪ من الذين يسافرون على طريق وسط البحر الأبيض المتوسط، ​​يبلغون عن تجارب مباشرة من سوء المعاملة والاستغلال والممارسات التي قد تشكل إتجاراً بالبشر.

تم الحصول على هذه النتائج  الجديدة، من خلال تحليل رحلات البعض11000 من الأطفال المهاجرين واللاجئين (المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 14-17)، والشباب (18-24) ، كما هو مسجل في ردودهم على  مسوحات النزوح، ومراقبة تدفق مصفوفة التتبع التي أجرتها المنظمة الدولية للهجرة، على طول طرق وسط وشرق البحر الأبيض المتوسط ​​إلى أوروبا في عام 2016و 2017.

يكشف التحليل أن الأطفال والمراهقون الذين يتبعون طريقين رئيسيين للهجرة لدخول أوروبا – المسار القادم من وسط البحر الأبيض المتوسط والآخر من الشرق –  يمرون برحلة مليئة بالمخاطر تبرز فيها مستويات عالية من الإساءة، وفي الشرق، جاء غالبية من تمت مقابلتهم من أفغانستان وباكستان وسوريا وبنغلاديش، أولئك الذين سافروا عبر المنطقة الوسطى جاءوا من نيجيريا وغامبيا، والمغرب، وغينيا وإثيوبي، وبنسب مختلفة ، كانت وجهاتهم المرغوبة هي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.

العمل القسري والزواج والعنف الجنسي

يبين التقرير أنه منذ عام 2016 م، سافر أكثر من 100000 طفل دون سن 18 عاماً إلى أوروبا، وهؤلاء يشكلون جزءاً مهماً من تدفقات الأشخاص الذين يصلون إلى أوروبا، التي تواجه أزمة غير مسبوقة،  وحسب المنظمة الدولية للهجرة، حتى الآن هذا العام وحده ، وصل ما يقرب من 1340.000 شخص إلى أوربا، وتوفي حوالي 2500 في البحر الأبيض المتوسط.
ترتفع نسبة ضحايا سوء المعاملة أو الاستغلال إلى 83٪ بين أولئك الذين تنطبق عليهم المواصفات التالية: اذكور الذين تقل أعمارهم عن 17 عامًا، والذين يسافرون بمفردهم ، والذين ليس لديهم مؤهّل دراسي – فاقدي التعليم -، والذين يأتون من إفريقيا جنوب الصحراء، و 72٪ من الفتيات المستغلات عانين من الاعتداء الجنسي، بين الأطفال ، في حين عانى 86 ٪ من الفتيان من الاستغلال في العمل، وينخفض الرقم بين أولئك الذين سافروا عبر شرق البحر الأبيض المتوسط ، إلى نسبة إلى 17 ٪.

الثقب الأسود

كشفت النتائج أن الطريق عبر وسط البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا هو الأكثر خطورة. أولئك الذين يتبعونها غالبًا ما ينتهي بهم الأمر في ليبيا، وهو بمثابة “ثقب أسود” لهؤلاء الأطفال حيث يواجهون انعدام القانون، والعنف على نطاق واسع، ويتم احتجازهم أحياناً من قبل سلطات الدولة.

الاتجار بالأطفال – الذي يشمل العمل القسري، والاستغلال الجنسي، والعنف ، وزواج الأطفال/ أو الاحتجاز غير القانوني – هو ممارسة أدّت بين عامي 2012 و 2014 م، وحدهما إلى مقتل 60 ألف ضحية في أكثر من 100 دولة، على الرغم من هذه التقديرات فإن هناك الكثير مما هو غير مرئي، فلأسباب أخلاقية وإنسانية وقانونية، لم تتم مقابلة الأطفال ما دون ال14 عاماً من العم، وهذا الإتجار بأوجهه المختلفة، شكّل من أشكال الإساءة التي تقوض الضحايا جسديًا ونفسيًا، وتعرض نمو الطفل وتعليمه للخطر، حسب التقرير.

يلعب عامل التعليم دوراً مهماً أيضاً، فحسب التقرير، ومن وجهة النظر التعليمية، يحدث أن الأولاد الذين حصلوا على مزيد من الدراسة كانوا أقل تعرضاً للاستغلال، و 90٪ من المسار المركزي الذي يفتقر إلى التعليم الثانوي واجهوا إساءة ما، مقارنة بـ 75٪ من أولئك الذين فعلوا ذلك، وجاء في التقرير أن “التعليم أداة جيدة للناس للتحرك، وإن معرفة كيفية القراءة والتحدث بلغة أجنبية، أو معرفة حقوقك، يمكن أن يساعدك على التفاوض والعمل بشكل أفضل في بيئة خطرة”.

العنصرية على أساس اللون والعرق

أحد العوامل التي زادت من نسبة استغلال الأطفال والقصّر، كان عامل العرق واللون، والذي يضيف المضاعفات الخطيرة، وتكشف نتائج الاستطلاعات أن الأولاد من إفريقيا جنوب الصحراء، يُعاملون بشكل أسوأ من الآخرين، ويحدث هذا على كلا طريقي الهجرة. في المنطقة الوسطى، اعترف 65٪ من سكان جنوب الصحراء الكبرى، بوقوع إساءة معاملة مقارنة بـ 15٪ في مناطق أخرى، في الشرق 83٪. من بين أسباب أخرى ، يعتقدون أن ذلك يرجع إلى العنصرية البسيطة، وقالت “ميشيل”، وهي كونغولية تبلغ من العمر 15 عاماً: (الناس هنا -ليبيا- لا يحبون السود ، فنحن نتعرض لسوء المعاملة)،  وروى فتى قادم من غامبيا،  يبلغ من العمر 17 عامًا عن ليبيا: (إنهم لا يحبون السود ، فعندما تسير في الشارع تخاف دائمًا من أن يلقى القبض عليك الجنود أو يهاجمك أفراد عصابة)، ويروي العديد من الفتيان الأشكال المختلفة لسوء المعاملة، ويصف بعضهم حرفياً ذلك بقوله: ( إنهم يعاملوننا كعبيد).

في أوربا أيضاً وليس فقط في رحلة العبور

كما يكشف التقرير ويحذّلا من أن هذا ليس هو الحال فقط في بلدان العبور، فقط لاحظت المفوضية الأوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب، زيادة في الشعبوية ذات الطبيعة القومية في أوروبا، ففي ألمانيا ، على سبيل المثال، كان هناك أكثر من 2500 هجوم أو اعتداء على طالبي اللجوء واللاجئين في عام م2016 مقارنة بـ 199 في عام م2014.

خلاصة التقرير

أقرّت “اليونيسف” وحذّرت، أن تلك الجرائم تحدث لأن القنوات الآمنة للهجرة – تأشيرات العمل، أو الدراسة، أو برامج لم شمل الأسرة، أو إعادة توطين اللاجئين أو منح اللجوء – محدودة للغاية، ولا يمكن الوصول إليها، لهذا السبب، يكون للشباب فقط خيار الوصول بشكل غير منتظم، وبذلك لا تتوفر لهم الحماية خلال الوصول إلى وجهتهم، يسافرون محبوسين في شاحنات، وقوارب واهية يسهل تحطيمها، ويعانون من الحرمان من الماء والغذاء، والتعليم والخدمات الصحية … ويواجهون خطر الوقوع في أيدي مهربي البشر ، ولكن أيضًا السلطات المحلية، أو المليشيات أو شرطة الحدود، الذين يسيئون إليهم جنسياً أو في العمل.

تشيرالاستنتاجات المستخلصة من هذا التقرير على الحاجة الملحة للعمل، وتحث كل من اليونيسف والمنظمة الدولية للهجرة، سلطات الدول على اعتماد استراتيجيات على عدة جبهات، لحماية الأطفال المهاجرين، من بينها: توسيع قنوات الهجرة النظامية والآمنة، من أجل الحد من تدخل المتاجرين بالبشر، كما اقترح الاستثمار في التعليم والخدمات الأساسية الأخرى، لتحسين مرونة الأطفال، وتنسيق تدابير حماية الطفل، ومكافحة العنصرية وكراهية الأجانب في كل من بلدان العبور والوجهة الأخيرة للمهاجرين.

المصدر:

-تقرير (رحلة مروعة)، منظمة اليونيسيف والمنظمة الدولية للهجرة، 2017م، متوفر على موقع منظمة اليونيسيف بصيغة ملف بي دي اف باللغتين الإنكليزية والفرنسية.

*إعداد: خولة حسن الحديد، الفريق الإعلامي لمؤسسة نداء.