زواج القاصرات.. عودة تجارة الرقيق في اليمن

تقرير:
تجارة تحت اسم “زواج”..

في مقاله بعنوان ( زواج القاصرات..عودة تجارة الرق في اليمن )، استعرض الصحفي رائد الجحافي لموقع دنيا الوطن، الجرائم المتكرّرة بحق طفلات بعمر الزهور، عانين معاناة علا نفسها، ومنهم الطفلة ازهار عمرها لا يتعدى الـ10 سنوات، من المنطقة نفسها بمحافظة ريمة، وقد جرى عقد قرانها، وزفافها من رجل كهل اسمه مجاهد مهدي المسوري، يبلغ من العمر 74 عام، قبل عدة سنوات، وأثارت واقعة الزواج تلك، سخط الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي تاريخ 31 أغسطس عام 2019م، قام رجل من ابناء محافظة إب بشمال اليمن ببيع طفلته وتدعى “ليمون”، التي لا يتجاوز عمرها 8 سنوات لشخص آخر، مقابل مبلغ مالي، بهدف سداد ديون عليه، حسب ما تداولته وسائل الإعلام حينها، قبل أن يقوم الأهالي بجمع التبرعات، وسداد المبلغ، وتحرير الطفلة ليمون قبل تسليمها للمشتري.

وفي العام 2015م، توفيت طفلة في الثامنة من عمرها تدعى “روان” متأثّرة بجراح عميقة في ليلة زفافها، حيث تزوجها رجل في الأربعين من عمره، عندما قام بنقل الطفلة روان -التي كانت لا تعي ماذا يعني الزواج- لأحد الفنادق بمدينة حرض بمحافظة حجة شمال اليمن، واغتصبها بوحشية لتلقى حتفها، متأثرة بجروح عميقة، وتمزق في الرحم والأعضاء التناسلية..

في وقت سابق قبل الحرب المشتعلة في اليمن، قام أحدهم ويدعى عبده محمد علي قاسم من أهالي مديرية جبلة بمحافظة إب شمال اليمن، بتزويج طفلته اروى البالغة من العمر 8 سنوات من رجل متقدم في السن، لكن الطفلة اروى التي تمكنت من الهرب، وساعدتها طبيبة في إحدى المستشفيات، سلمتها للجهات الأمنية التي استدعت والدها، وقامت بحبسه، ومن ثم تطليق الطفلة وتحريرها.

في تاريخ 4 نوفمبر 2022م، قضت محكمة دمت الابتدائية، بفسخ عقد زواج طفلة تدعى نُهى جميل تبلغ من العمر 10 أعوام، بعد زواجها على رجل خمسيني، وتم إعادة الطفلة لأمها، وحبس الأب، والزوج والأمين الشرعي.

في أغسطس 2020م أبطلت محكمة وصاب العالي الابتدائية، عقد زواج طفلة تدعى سعود يحيى محمد (10 أعوام)، كان والدها زوجها على كهل يبلغ من العمر 62 عام، واعتبر حكم المحكمة ذلك الزواج غير قانوني، وكانت الطفلة سعود حاولت الانتحار أكثر من مرة، وتعاني من حالة نفسية سيئة، بسبب ذلك الزواج الذي لا تفهم معناه، حيث لجأت لمنزل أحد مشائخ المنطقة لحمايتها.

قصة نجود الأهدل

حالة أخرى كانت قصتها قد نالت شهرة عالمية، هي قضية الطفلة نجود الأهدل (8 سنوات) التي كانت أسرتها تعيش في فقر مع أشقائها الـ13، غير أن هذه الحالة مغايرة، لأن زوجها أجبرها على المعاشرة وقد اعترف بذلك، وتمكّنت نجود من الهرب من زوجها واللجوء إلى المحكمة، وقضت محكمة غرب صنعاء ببطلان زواجها، وأمرت بفسخ عقد زواج الطفلة نجود، وذلك بعد شكوى تقدمت بها نجود ضد والدها محمد علي الأهدل، وزوجها فائز علي ثامر. قصتها حينها كانت قد نالت شهرة عالمية، من اهتمام وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية والإنسانية على مستوى العالم، وفازت الطفلة نجود بالعديد من الجوائز منها جائزة “امرأة العام” وتمنح جائزة “امرأة العام” منذ 19 عاماً، برعاية شركة لوريال، وتكرّم نساء قدمن مساهمات ملموسة في مجالات الترفيه، والأعمال والرياضة، والأزياء، والعلوم والسياسة.

حيث جعلتها قصة تمردها على الزواج القسري شخصية دولية شهيرة، وأبرزت قصتها في العديد من الصحف، والمجلات، ومواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى القنوات الفضائية. كما اختيرت نجود لجائزة أخرى هي صندوق مبادرة امرأة العام، من نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث يتم اختيار واحدة من الحاصلات على جائزة “امرأة العام”، لجمع الأموال لصالح مشروعها.

وندى الأهدل

وفي عام 2013م، ظهرت الطفلة اليمنية ندى الأهدل، وعمرها 11 عاماً، على شريط  فيديوعلى اليوتيوب مدته دقيقتين، سبب ضجة إعلامية كبرى، شرحت فيه الضغوط التي مارسها أهلها عليها لإجبارها على الزواج، وفرارها من منزل أهلها هرباً من زواج قسري وشيك.

لعائلة ندى تاريخ مع الزواج المبكر، فقد تزوجت خالتها وهي بعمر أقل من 13 سنة، لتنهي حياتها بالانتحار، حيث أحرقت نفسها لمشاكلها الزوجية، وبسبب الحاجة المادية، أخذ الأب ندى من عمها حيث كانت تعيش في كنفه بحجة زيارة والدتها،  لتتفاجىء أنهم خدعوها ويريدون تزويجها، ومن ثم تهرب بمساعدة امرأة إلى بيت عمها في الحديدة، وبسبب الضغوطات من قبل الأب، ومنعاً للمشاكل والدعاوي التي رفعها الأب بحجة أن ابنته تم اختطافها، سلم العم الطفلة ندى إلى اتحاد نساء اليمن، وتراجع الأب عن الدعوى المرفوعة ضد العم، وتعهد أمام الإعلام بعدم تزويجها قبل بلوغها السن القانوني، هذا وقد تُرجم الفيديو إلى اللغة الانكليزية وشاهده 7 مليون مشاهد خلال 3 أيام، وأثار انتباه وسائل عربية واجنبية بنشر قضية ندى الاهدل، على اعتبار إن هذا الموضوع يمثّل تجسيداً واقعياً لمشكلة زواج القاصرات في اليمن، حيث نشرت بي بي سي قضيتها تحت عنوان: (نداء فتاة على الإنترنت يسلط الضوء على محنة العرائس الصغيرات في اليمن)، كما ظهرت الفتاة تشرح قضيتها في قنوات فرانس 24، وكل من  قناة الجديد وقناة الميادين، إضافة إلى العديد من التقارير الصحفية، ولتكن ضمن أشهر 29 فتاة لعام 2013م، حسب موقع “towardthestars”..

 ألّفت ندى كتاباً عن قصتها بالفرنسية بعنوان nada alahdal La rosée du matin) (French/ ندى الهدال ندى الصباح، وعرض فيه اعترافات والديها بمحاولة تزويجها، وموقفها ضد زواج القاصرات على خلفية ما حدث لخالتها، التي أقدمت على الانتحار حرقاً بعد تزويجها بسنة، في عمر 11 سنه، وأختها التي حاولت الانتحار حرقاً ايضاً، في عمر 12 سنه، وصدر الكتاب عن دار النشر الفرنسية ميشيل فون.

هذا بالإضافة إلى العشرات من القصص المماثلة لزواج القاصرات في اليمن، وبالتأكيد حالات كثيرة، ربما المئات تحدث، ولا يدري بها الإعلام.

ربع اليمنيات يتزوجن دون سن 15

رغم أن المشرّع اليمني  حدد سن الزواج بـ 15 عام، إلا أنه لم يجرم زواج الاطفال تحت هذا السن، رغم مطالبة الكثير من نشطاء منظمات المجتمع المدني ،والمثقفين، والخبراء الاجتماعيين، والأطباء وغيرهم …وكذلك رغم المناشدات التي أطلقتها منظمات حقوقية وإنسانية للحكومة اليمنية لمعالجة هذه الظاهرة، والتي تشكل انتهاكاً خطيراً لحقوق الاطفال في اليمن، لأن تجاهل الحكومة اليمنية تجاه هذه الظاهرة يتعارض مع حقوق الطفل، وفق المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها اليمن، وأصبحت بموجبها جزءاً من تشريعاتها الوطنية، ومن التزاماتها أمام المجتمع الدولي.

دائماً تشير تقارير المنظمات الدولية إلى معاناة الطفولة في اليمن، ومن سوء المعاملة التي يتعرض لها الأطفال، وفي أوقات سابقة أوضح صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن ربع الفتيات في اليمن، ما زلن يتزوجن في سن الخامسة عشرة.

لكن إذا ما تناولنا مثل هذه الظاهرة، سنجد أن من اهم أسباب زواج القاصرات في اليمن هي الأوضاع المعيشية المتدهورة، جرّاء الحرب والصراعات السياسية، بالإضافة إلى غياب حقوق المرأة، جرّاء الضغوط التي مارستها الجهات المتشددة باسم الدين، كما أن للمشكلة ارتباط بالعادات والتقاليد الاجتماعية للقبيلة، ومسميات العار التي تغلف نظرة المجتمع تجاه المرأة.

*المصادر: -صحيفة دنيا الوطن اليمنية، الموقع الإلكتروني لقناة الحرة، الموقع الإلكتروني: www.thenationalnews.com

*إعداد: دلال ابراهيم.