دراسة جزائرية: التحرش الجنسي في الوسط المدرسي الرياضي …أشكاله وآثاره

في عام 2021م، أعدّت كل من “هدوش عيسى” و”سلمى بوحالة” دراسة في جامعتين بالجزائر، حول التحرش الجنسي في الوسط الرياضي المدرسي، وقد هدفت الدراسة إلى الكشف عن أشكال التحرش الجنسي في الوسط الرياضي المدرسي في صفوف الفتيات، وتأثيراته على المتحرش بهن من قِبل معلم حصة التربية البدنية والرياضية، وذلك في الأوساط التعليمية الجزائرية، وقد نُشرت الدراسة في مجلة “قبس” للدراسات الإنسانية والاجتماعية الجزائرية.

استخدمت الباحثتان المنهج الوصفي والأسلوب المسحي، واستعانتا ب”الاستبيان” كمقياس ووسيلة لجمع البيانات، وطُبق المقياس على عينة عددها (27) طالبة من طالبات كل من جامعة باتنة و جامعة ميلة الجزائريتين، وهن ممن تم التحرش بهن عندما كن في مرحلة التعليم الثانوي، واختيرت هذه العينة، كون أفرادها قد تجاوزن مرحلة الصدمة، وتخلصن من الآثار النفسية للتحرش، ويملكن الوعي الكافي والقدرة على الحديث حول تجاربهن.  

 من أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة، أنه توجد نسبة غير قليلة من الفتيات اللواتي تعرضن للتحرش من قبل معلمي التربية الرياضية والبدنية، وكان لذلك آثار مدمّرة على الفتيات، اللواتي تعرضن لتشويه نفسي عميق، وأوصت الدراسة بضرورة توعية الفتيات، وعلاجهن، وضرورة التقدم بشكاوى إلى الجهات المختصة ومعاقبة الجناة.

أشكال مختلفة للتحرش تنتشر في الوسط الرياضي المدرسي

بينت الدراسة انتشار أشكال مختلفة للتحرش في الوسط الرياضي المدرسي، تتعرض لها الطالبات، من قبل معلم حصة التربية البدنية والرياضية، إذ تبين إن معظم الطالبات تعرضن لتحرش جنسي لفظي بنسبة 54 %.

بينما تظهر الدراسة إن اللواتي تعرضن لتحرش جنسي جسدي قدرت نسبتهن 24 %، وقد بلغت نسبة الطالبات اللواتي تعرضن للتحرش الجسدي واللفظي معاً 22 %.

من خلال ما سبق، يتضح أن حوالي 46 %من أفراد العينة، قد تعرضن لاعتداء جنسي، وهذه نسبة كبيرة، ومؤشر خطير، على تفشي هذه الظاهرة في الأوساط التعليمية.

فيما يتعلق بالأماكن والأوقات التي  يُكثر فيها التحرش، فقد أظهرت النتائج  أن أوقات بداية حصة التربية البدنية والرياضية، هي الأوقات التي كُن أكثر عرضة للتحرش خلالها،  حيث بلغت نسبة النتائج العينة بـ 66.66%، مما يدل على إن الفترة الأولى من الحصة يسهل على معلم الرياضة التحرش بهن، لتواجده معهن لفترة طويلة نسبياً قبل بداية النشاط المقرر بالحصة، ومكان التحرش هو قاعة الصف المدرسي أو ملعب المدرسة، أو المكان الذي تؤدّى فيه التمارين الرياضية، بينما كان المعلم أحياناً يدعو الطالبات إلى لقاءات خارج أسوار المؤسسة التعليمية.

فيما يخص الأسلوب الذي يتبعه المعلم المتحرش، فهو يقوم بمدح وإغراء الطالبة في لباسها وأناقتها، ويميّزها في المعاملة مقارنة بمعاملته لزميلاتها أو زملائها، فقد أظهرت النتائج على إن نسبة %100 من الطالبات تم التغرير بهن ومدحهن، ومن بين صفات المتحرش أنه يميل لتميّز الجنس الآخر بشكل واضح، من خلال تصرفاته وسلوكه مع الطلبة، وهذا ما بينته نتائج الدراسة بنسبة 75%.

يتعمد المتحرش في أغلب الأحيان، لمس أجزء من جسد الطالبة، كتمهيد لتحرش أكبر، حيث بينت الدراسة إن نسبة %96 من الطالبات تعرضن إلى اللمس المتعمّد، ناهيك عن إن المتحرش قد يعتمد على أسلوب دنيء من خلال القيام بإشارات وتلميحات غير أخلاقية، تجاه المتحرش بها، حيث جاءت النتائج صادمة، وبلغت نسبة 92.85 % من أفراد العينة، اللواتي تعرضّن لهذا النوع من التحرش.

الآثار النفسية للتحرش على الطالبات

أغلبية  أفراد العينة من الطالبات، أكّدن على أن التحرش الجنسي يؤثر بشكل كبير على حياتهن الشخصية، والنفسية والدراسية، بدليل أن أفراد العينة أكّدن على أنهن تعرضن إلى صدمة نفسية كبيرة، إذ لم يكن يتوقعن هذا السلوك من شخص كان يُمثل المثل الأعلى، ومصدر الأمن والأمان، حيث بينت النتائج إن نسبة %64.28 من أفراد العينة قد تأثرن بصورة صادمة، وقد فكرن بصورة جدية بتغيير مكان الدراسة إلى ثانوية أخرى، إذ بينت النتائج إن نسبة %17.85 منهن فكرن في ذلك، بينما لم يفكرن في ذلك حوالي %،82 وهذا ليس لأنهن لا يرغبن في التحويل لمكان آخر، بل خوفاً من أن يُفضح أمرهن، أو يُسألن عن السبب، وقد أدى ذلك إلى خشيتهن على مستقبلهن الدراسي، وكذلك خشية من انتقام المعلم المتحرش، وبيّنت نتائج الاستبيان ذلك، إذ بلغت نسبة هؤلاء.%32.14.

 من التأثيرات النفسية التي ظهرت بصفة جلية، أن الطالبات فقدن الثقة بأنفسهن، وفي التعامل مع زملائهن والمجتمع بشكل عام، والصادم في كل هذا، أن معظم أفراد العينة لم يطلبن مساعدة العائلة أو أي طرف آخر للتخلص من آثار هذا التحرش، حيث بينت النتائج إن نسبـة 85.71 %منهن، لم يطلبن المساعدة من أحد، ورغبن في كتمان الأمر، مما اضطرهن إلى التوقف عن حضور حصص التربية البدنية والرياضية، كما برزت لدى بعضهن فكرة التوقف عن الدراسة نهائياً.

*المصدر:

-مجلة قبس للدراسات الإنسانية والاجتماعية، مج50، العدد2، ص ص602-619، ديسمبر/ كانون الأول، 2021م.

*إعداد: خولة حسن الحديد.