تقرير: آلاف اللاجئين من الأطفال والقُصر مفقودين في أوربا والإحصائيات بازدياد سنوياً

أرقام مخيفة، وفي ازدياد مطرد عاماً إثر عام، لأعدد الأطفال اللاجئين المفقودين في أوربا، كشف عنها بحث أجرته شبكة الصحفيين الأوروبية “Lost in Europe“، والتي تضم عدد من الصحف الأوربية، إضافة إلى وكالة الأنباء الإيطالية “ANSA” و”Rbb24 Recherche”.

تقرير البحث الذي ترجمته صحيفة “عنب بلدي” السورية، يضم حقائق مُثيرة للرعب حول حجم ظاهرة فقدان الأطفال اللاجئين غير المصحوبين بذويهم، ومن ضمن تلك الحقائق التي تُثير الفزع، حقيقة أن هذه الأرقام غير نهائية، وتوجد مؤشرات على وجود أعداد مضاعفة من الأطفال المفقودين، والذين يُصعب تتبع حالاتهم لأسباب متعددة.

أعداد المفقودين في ازدياد سنوياً في عدد من الدول الأوربية

حسب تقرير البحث فإن عدد اللاجئين القاصرين المفقودين في أوروبا أكثر من 51 ألفاً، ممن وصلوا إليها بين عامي 2021 و2023، وسط ارتفاع ملحوظ بالأعداد، إذ كانت الإحصائية 18300 ألف طفل قبل ثلاث سنوات، فقد ارتفع عدد الأطفال اللاجئين القصر المفقودين من 724 طفلًا خلال عام 2021 إلى 2005 أطفال حتى اليوم في ألمانيا وحدها، على سبيل المثال.

بينما تأتي إيطاليا في المرتبة الأولى بعدد المفقودين خلال السنوات الثلاث الماضية، إذ سجلت 22 ألفًا و899 حالة اختفاء للاجئين قصّر خلال السنوات الثلاث الماضية، وفي عام 2023 فقط وصل عدد المفقودين لعشرة آلاف و100 مفقود، وجاءت النمسا في المرتبة الثانية بعدد 20 ألفًا و77 لاجئاً قاصراً مفقوداً، وبلغ عدد المفقودين منهم خلال عام 2023 نحو خمسة آلاف طفل، وتليها بلجيكا بعدد 2241 مفقودًا خلال السنوات الثلاث الماضية، لتأتي ألمانيا بالمرتبة الرابعة بعدد 2005 لاجئ قاصر لا علم للسلطات بمكان وجودهم.

في حين لم تسجل اليونان وإسبانيا أي إحصائية عن المفقودين من الأطفال، أو الشبان غير المصحوبين بذويهم، وفق تقرير البحث المنشور،  ونعتقد إن الأمر بالنسبة ل”اليونان” كبلد عبور للاجئين، مثير للكثير من الشكوك، ففي بحث لمركز الصحة وحقوق الإنسان التابع لجامعة هارفارد أُعد عم 2016م، -https://nedaaكانت قد نشرت مؤسسة ملخص عنه، سابقاً يتبين من خلاله حجم ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال اللاجئين في مخيمات اللجوء بهذا البلد، وتوفّر كل عوامل فقدان الأطفال، مما يجعل الأرقام الحقيقية مجهولة حتى الآن.

ما أسباب اختفاء الأطفال اللاجئين في أوربا؟

تقول الأمينة العامة لمنظمة الأطفال المفقودين في أوروبا، “آجي إيفين”: ( إن الأرقام مثيرة للقلق، وإن العدد المتزايد من التقارير عن القاصرين المفقودين غير المصحوبين، يُعد بمثابة تذكير حاد بجبل الجليد العملاق الذي يلوح في الأفق تحت السطح)، ولكن ما هي أسباب فقدان الأطفال؟ هذا السؤال الذي تتم الإجابة عليه غالباً بتكهنات وتخمينات، لا تؤيدها أو تدحضها أية أدلة.

في تصريح المفوضة المسؤولة في الاتحاد الأوروبي لشؤون الهجرة والشؤون الداخلية، “إيلفا يوهانسون”، بمقابلة حصرية مع موقع “Rbb24 Recherche” ونقل تصريحها الموقع الألماني التلفزيوني “https://www.tagesschau.de/investigativ/rbb/vermisste-fluechtlinge-europa-unbegleitete-kinder-jugendli%D8%B4che-bka-100.html?fbclid=IwZXh0bgNhZW0CMTAAAR14hLpn-3mYfXysFEVOi800aWpJtOByh2F9CcTMGU7tJCWoE0hJCDJz9uw_aem_AeQG-IOAFxKLeuKZXiNWo98bkJsr21PYkiZktFOFAAk3-fXU2SZkCdge0jnLz9AOm5tdujovbmclANKsHz9foX8Vchau”، فإنه لا توجد أي متطلبات على مستوى أوروبا حول مصير اللاجئين القاصرين غير المصحوبين، للتعليق على العدد المرتفع للغاية من اللاجئين المفقودين، مضيفة أنها لا تعلم إن كانت الأرقام صحيحة ولكن يوجد في أوروبا نظام هجرة معطل!  وحسب تصريحاتها فإن الخطر يتمثل ب(وقوع اللاجئين القاصرين غير المصحوبين ضحايا للمتاجرين بالبشر، إذا كانوا موجودين بالفعل في الاتحاد الأوروبي).

حسب الموقع الألماني المذكور، يفترض الخبراء الذين تحدثوا إلى الموقع أن العديد من الأطفال يغادرون مراكزهم لأنهم غير راضيين عن طول الإجراءات، أو يأملون الحصول على مساعدة أسرع في بلدان أخرى، أو يريدون زيارة أقاربهم وأصدقائهم، في حين أن الأبحاث التي تُعد على مستوى أوروبا، لا يمكنها بكثير من الأحيان تحديد ماهية أسباب اختفاء الشبان بدقة، ويؤكّد الموقع أنه يجب الإبلاغ عند اختفاء اللاجئين القاصرين من أماكن حجز السلطات، إذ يظهر العديد منهم بعد أيام في بلدان أخرى، أو ببلديات مختلفة ضمن مدن أخرى في ألمانيا نفسها.

وفقاَ ل”إيلف يوهانسون”، فإنه (من المقرر الآن إدخال نظام تسجيل موحد للاجئين القاصرين غير المصحوبين، وهذا لا يحل مشكلة الأطفال المفقودين حالياً، ولكن يتعين على دول الاتحاد الأوروبي الآن، أن تعمل على تهيئة ظروف أفضل وتسهيل العثور على جهات الاتصال والأوصياء للأطفال).

عبء على ألمانيا ونقص في أعداد الموظفين

تقول الإحصائيات إنه في مدينة بافاريا بألمانيا سُجلت 511 حالة اختفاء 511 لاجئاً قاصراً، بينما وصل عددهم في بادن فورتمبيرغ 355 لاجئاً قاصراً مفقوداً، في حين وصل عددهم في ولاية شمال الراين وستفاليا إلى 327 قاصراً مفقوداً.

بحسب ” هيلين سوندرماير”، موظفة في الرابطة الفيدرالية للاجئين القاصرين غير المصحوبين، فإن ألمانيا مكتظة للغاية حالياً، ويلاحظ أنه في بداية وصول الشبان يبلغ عن فقدان معظمهم، وفي المرحلة الحالية خفضت معايير الرعاية، من أجل ضمان الرعاية للأطفال على الرغم من نقص الموظفين، ليقترن العبء الزائد على هياكل الدعم ببيانات غير كاملة عن مكان وجود الأطفال والشبان.

كما أكّدت موظفة من الصندوق الألماني، على  ضرورة الإبلاغ عن اختفاء الأطفال، محذرة من أنهم معرضون لمخاطر معينة، منها احتمالية وقوعهم بأيدي المنظمات الإجرامية أو تعرضهم للاستغلال أو الاعتداء الجنسي.

ازدياد المخاطر مع ازدياد طالبي اللجوء من الأطفال غير المصحوبين بذويهم

أشارت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)،https://news.un.org/ar/story/2023/09/1124287 في 29 من أيلول 2023، إلى أن الأطفال غير المصحوبين بذويهم، معرضون لخطر الاستغلال وسوء المعاملة في كل خطوة من رحلتهم، وإن أكثر من 11600 طفل عبر البحر المتوسط إلى إيطاليا دون والديهم أو أوصيائهم القانونيين، في الفترة ما بين كانون الثاني/يناير ومنتصف أيلول/سبتمبر من هذا العام.

كما أفادت المنظمة إن ما لا يقل عن 990 شخصاً بمن فيهم أطفال، ماتوا أو اختفوا أثناء محاولتهم عبور وسط البحر المتوسط، في الفترة ما بين شهري حزيران/يونيو وآب/أغسطس/آب من هذا العام، وهو ثلاثة أضعاف العدد المُسجل في الفترة نفسها من صيف العام الماضي عندما فقد ما لا يقل عن 334 شخصا حياتهم.

وكانت مؤسسة نداء قد نشرت سابقاً تقريراً دولياً صدر عن اليونيسيف بالشراكة مع المنظمة الدولية للهجرة، وتحت عنوان (.رحلة مروعة…الأطفال والشباب العابرون عبر البحر الأبيض المتوسط معرضون لخطر الاتجار بهم واستغلالهم)، تتكشّف  من خلاله المستويات العالية من الخطورة التي يواجهها الأطفال والشباب المهاجرين، وتعرض عدد كبير منهم للاستغلال الجنسي، ووقوعهم ضحايا الإتجار بالبشر، أو الزيجات المرتّبة قسراً. -رابط التقرير-https://nedaa

المركز الإحصائي للاتحاد الأوروبي (يوروستات) وبتاريخ 21 من تشرين الثاني 2023، إلى أن الاتحاد تلقى نحو أكثر من https://ec.europa.eu/eurostat/web/products-eurostat-news/w/ddn-20231121-391700 طلب لجوء في أيلول 2023، بزيادة قدرها 19% مقارنة بالشهر نفسه من عام 2022، وسجل المواطنون السوريون أكبر نسبة بين طالبي اللجوء خلال العامين الماضيين، وفي أيلول فقط، تقدم 4465 قاصراً غير مصحوبين بذويهم بطلبات لجوء، وكان عدد السوريين بينهم 1540 قاصراً، وأكثر الدول التي تلقت طلبات لجوء من القصر غير المصحوبين خلال أيلول 2023 هي ألمانيا بـ1250 طلبًا، والنمسا بـ795 طلبًا، ثم بلغاريا بـ735 طلبًا.

إحصائيات سابقة: 17 طفل لاجىء يُفقد يومياً في أوربا

من الجدير بالذكر، إن تقرير لشبكة أبحاث “ضائعون في أوروبا”، نُشر عام 2012م، أكّد عى أن أكثر من 18000 طفل مهاجر غير مصحوبين بذويهم فُقدوا في أوروبا بين يناير/ 2018 وديسمبر/ كانون الأول 2020م، من بينهم أطفال جزائريون ومغاربة، واستنادا للتقرير الذي قامت بنشره صحيفة “الغارديان” فإن 18292 طفلاً مهاجراً غير مصحوبين بذويهم فُقدوا في أوروبا بين يناير 2018 وديسمبر 2020، أي ما يعادل اختفاء 17 طفلاً يومياً، وتم الإبلاغ عن 18292 حالة اختفاء لأطفال ومراهقين لاجئين غير مصحوبين بذوويهم بين عامي 2018 و2020م،. ووفقا لتحليل بيانات شبكة أبحاث في أوروبا، فإن هؤلاء المفقودين كانوا سابقاً تحت رعاية الدول التي يعيشون فيها. ومعظم القاصرين المختفين من المغرب، والجزائر وإريتريا حسبما أكدت شبكة الأبحاث “ضائعون في أوروبا” والتي تضم كلا من صحيفة “الغارديان” البريطانية وشركة البث الهولندية VPRO وشركة البث البلجيكية “دي ستاندارد” وشركة البث برلين. -براندنبورغ (RBB).

*المصادر:

– شبكة الصحفيين الأوروبية “Lost in Europe“.

– منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف): https://news.un.org/ar/story/2023/09/1124287

– المركز الإحصائي للاتحاد الأوروبي (يوروستات).

– دابا برس: https://dabapress.com/80498/

-صحيفة عنب بلدي.

*إعداد: خولة الحديد.