*قصة من الواقع
في ظل الانتشار الهائل لشبكة الانترنت، ووصولها لكل فئات المجتمع، ومع غياب التوعية بمخاطر استخدامها، لعل أبرز الفئات التي تتأثر بما تضخه هذه الشبكة من محتوى هم الأطفال واليافعين، لتفاعلهم الواسع مع هذا المحتوى بمختلف أشكاله، والمحتوى البصري على وجه الخصوص.
تبرز خطورة الاستخدام غير السليم لشبكة الانترنت على الأطفال واليافعين، بشكل أكبر، وتفعل فعلها عندما يرتبط الأمر بالنمو الجنسي لهذه الفئة العمرية التي ما زالت في طور النمو، وتبحث عن أجوبة للعديد من الأسئلة، ومع غياب التوعية والتربية الجنسية السليمة، التي تجعلهم يفهمون التغييرات التي تطرأ على أجسادهم، وكيفية التعامل معها، والأساليب السليمة لتصريف طاقاتهم، ونشاطهم المفرط بحكم طبيعة المرحلة النمائية التي يمرون فيها، تتعزّز المخاطر أكثر فأكثر، وتظهر الحاجة الملحة إلى برامج التوعية والتثقيف الموجهة للأسرة، والمدرسة، وكل الفضاء العام للمجتمع، ولهذه الفئات العمرية بشكل مباشر، لتوجيه أفرادها وإرشادهم، ومعالجة مشكلاتهم، قبل أن تتحول إلى اضطرابات نمو عميقة الأثّر في الشخصية، مخلفة عادات سيئة، ومشكلات نفسية وجسدية لا تُحمد عقباها.
قصة من الواقع
حالة الطفلة (س)، تبلغ عشرة سنوات من العمر.
المكان: أحد المخيمات في شمال سوريا.
خلال جلسات الدعم النفسي التي تقدّمها إحدى الأخصائيات، لوحظ على الطفلة سلوك غير لائق، تكرر عدة مرات، فقامت الأخصائية بالتواصل مع والدة الطفلة، وبعد عدة جلسات، تبين أن الطفلة تُشاهد مشاهد إباحية، مما دفعها لممارسة العادة السرية.
والدة الطفلة لم يكن لديها أدنى فكرة عن وضع طفلتها، ولم تضع العائلة أي رقابة على الطفلة، ولا تطّلع على ما تشاهده في شبكة الانترنت.
في تعقيبها على الحالة، تقول الأخصائية:
(إن قلة وعي الأهل، وانشغالهم بتوفير مقومات المعيشة الصعبة، وإعطاء الأولوية للحصول على المعونات والمساعدات، وكيفية توفير الأكل والشرب لعائلاتهم، كل ذلك يُساهم في انتشار العديد من الحالات، كحالة الطفلة المذكورة).
تتم متابعة حالة الطفلة الآن، من قبل أحد الأخصائيين في أحد المراكز القريبة من مكان إقامة عائلتها.
*إن ممارسة العادة السرية جزء من مراحل النمو التي يمر بها الأطفال واليافعين، وتشير إلى بداية النضج الجنسي لدى الطفل، لكن ممارسة هذه العادة في سن مُبكر جداً، وبشكل متكرر، وبإفراط، قد تتسبب بمشكلات صحية ونفسية للطفل، كتلك الناجمة عن مشكلات النظافة والتلوث، والحساسية الجلدية، وغيرها، بالإضافة إلى الشعور بالذنب، ولوم الذات، والخجل، وظهور ردود فعل غير سليمة تجاه الجنس والممارسة الجنسية مستقبلاً، وخاصة عندما يتلقى الطفل المعلومات من جهات غير موثوقة، ويُقلد ما يشاهده في الأفلام الإباحية، لذلك من الضروري الجديد توعية الأسرة وتوجيهها لمتابعة أطفالها بهذه المرحلة العمرية، وضرورة تعزيز مفاهيم التربية الجنسية، والشرح بشكل سليم لهم ما يحدث معهم.
كما من الضروري تعريف الأبناء من الجنسيين بالتغييرات التي تطرأ على أجسادهم، وفهم أنفسهم، وحاجاتهم، وأساليب التعبير عنها، بالإضافة إلى الانتباه ومتابعة ما يشاهدون ويتابعون على شبكة الانترنت، ووضع أجهزة فلترة لحجب المواقع الإباحية.
الأهم بكل هذا الأمر، وغيره من أمور أخرى، هو العلاقة السليمة بين الطفل والأسرة القائمة على المحبة، والثقة، والتفهّم والاحتواء،، فالأسئلة التي لا يجد لها الطفل جواب لدى العائلة، يذهب للبحث عنها في أماكن أخرى، والحاجات غير المُشبعة في الأسرة، يبحث عن إشباعها بأساليب غير سليمة في أي مكان مُتاح، والطاقة الزائدة تبحث عن تصريف لها بطرق شتى، وكل هذا قد يضع الطفل في بداية دروب الضياع، وتربية عادات سيئة، وبناء هوية جنسية مضطربة، وغيرها من مشكلات النمو، والتي قد يصعب علاجها إذا ما تأخّر الوقت المناسب لذلك.
*إعداد: القسم التربوي في مؤسسة نداء