في إحدى المدن السورية، دخل إلى مكتب أخصائية الدعم النفسي، الطفل “وسام”، البالغ من العمر سبع سنوات، بصحبة شقيقته، وعلى وجهه ملامح الخوف، فقد كانت يختبئ خلف أخته، ويرفض الحديث، أو أي هدية تقدم له.
لاحظت الأخصائية آثار على خد الطفل ورقبته، لكنها لم تفكر للحظة أن يكون ذلك آثار لأي اعتداء جنسي.
بعد أكثر من جلسة، ومن خلال الحديث مع الطفل والأخت، بدأ الطفل بالحديث عن التجربة التي مرّ بها، قد ذكر أن ابنة الجيران البالغة من العمر ١٦ عشر سنة، تأتي لزيارتهم في غياب الأم، وتبدأ بمداعبته، وهي من سببت له تلك الكدمات.
يُقيم “وسام” مع عائلته في أحد المخيمات التابعة للمدينة، ومن خلال عمل الأخصائية النفسية في المخيم، ومعرفتها بالعائلات الموجودة، ومساعدة شقيقة الطفل، تمكّنت من معرفة الفتاة التي تحدّث عنها، ومن خلال الحديث معها، ذكرت إنها مخطوبة، وخطيبها مقيم في لبنان، ويتحدث معها عبر الهاتف، ويرسل إليها مقاطع فيديو وصور، يجعلها تشعر برغبة لا تعرف كيف تتعامل معها -كما تقول- ولا سبيل لديها لتفريغ رغباتها، سوى “وسام”.
تخبرنا الأخصائية النفسية أنها وقعت بحيرة، فكلاهما برأيها ضحايا، وكل منهما يحتاج للدعم والمساعدة، وأمام هذه الحالات تزداد الحاجة لمزيد من التوعية للأسرة والأطفال، والناشئين من فتيان وفتيات.
كما تلفت النظر هذه الحالة إلى ضرورة الانتباه إلى الشباب والناشئين، والذين تقل أعمارهم عن ال18 سنة، من الذكور والإناث، فهذه الفئة تقع ضحية الكثير من الضغوط النفسية والاجتماعية، بحكم سمات النمو الخاصة بهذه المرحلة العمرية، والتغييرات الفيزيولوجية، والبيولوجية، والنفسية التي تطال شخصية الطفل في طور تحوّله لمرحلة الشباب، وخاصة مسألة النمو الجنسي، وما يرتبط بها من بلوغ ونضج، ونشاط الدافع الجنسي، وأساليب التعبير عن الرغبات الجنسية، وطرق تصريف الطاقة الناجمة عنها، وتزداد هذه الضغوط عند التعرض لمواد إباحية، من صور، وأفلام، وفيديوهات باتت متاحة للجميع، بدون وجود أي أدوات وأساليب لتصريف الطاقات النشطة جداً التي يمتلكونها، ومع غياب التوعية والتثقيف، والدعم والمساندة، يُصبح أحياناً، التحرش ومحاولة التعدي على الآخرين الأقل ضعفاً منهم، سبيلاً لتصريف تلك الطاقات.
*إعداد: الفريق الإعلامي في مؤسسة نداء.