وردتنا هذه القصة من قبل أخصائية نفسية، تعمل في أحد مراكز الرعاية الصحية الأولية في سوريا، وتقول:

أروي لكم قصة ومعاناة سيدة مطلقة بعمر ٢٥ عاماً.

(أخاف من التحدث أمام مجموعة من الناس، دائماً أشعر بالدونية والنقص، لستُ راضية عن شكلي ولا عن حياتي،  دائما أشعر بالقلق والتوتر، ورغبة في البكاء، أُفضل الجلوس بمفردي بعيداً عن الناس)…….

  هكذا عبّرت إحدى مستفيدات عيادة الصحة النفسية، بأحد مراكز الرعاية الصحية الأولية في منطقة ما من سوريا، عن حالتها النفسية ومعاناتها واصفة شعورها بمرار.

بعد تردد كبير بطلب الاستشارة النفسية، لأسباب عدة لسنا بصددها الآن، ليتبين خلال الجلسة الثالثة، وبعد كسب الثقة مع المستفيدة، إنها تعرضت في طفولتها للتحرش الجنسي من إخوتها الذكور، وتضمن التحرّش سلوكات مختلفة من مثل: ( نظرات.. لمسات… وكلام جنسي) وكان عمرها آنذاك خمس سنوات.

وما رافق مستفيدتنا بوقتها من مشاعر الخوف، والحزن، والخجل ومن دون أن تخبر أحد بما حصل لها، ولا حتى والدتها، وبهذا الصدد أكّدت: ( أنتِ أول حدا بخبره بهي القصة)…كلام وجهته لي على لسانها.

أتت بكل ما تحمله من معاناة نفسية، والتي تبين أن ما تعرضت له في طفولتها من تحرش جنسي، ربما كان العامل الأبرز بتكوّن الأعراض والمشاكل السابقة لديها.

تعقيب:

بالرغم من عدم معرفتنا بحيثيات الحالة المطروحة أعلاه، والإطلاع على تفاصيل أكثر – وهذا ما لا يفضله الأخصائيون النفسيون ونحن نتفهّم ذلك طبعاً – تجعلنا نفهم الحالة بشكل دقيق، إلا أنه من الواضح أنه وضع الشابة الحالي نفسياً، والذي أثّر على حياتها الاجتماعية أيضاً، تعود جذور أسبابه إلى طفولتها المُبكّرة، فبعد 20 عاماً من تعرضها للتحرش بأكثر من أسلوب من قبل أخوتها، وفقدانها للحماية، وخوفها من محيطها حتى أقرب المقربين فيه”الأم”، يؤكّد ذلك على أن التحرش والاعتداء الجنسي أياً كانت أشكاله، له آثار بعيدة المدى، وسيّئة جداً، والتي يُمكن أن ترافق الشخص حياته كلّها إذا لم يتعالج، وهذا ما يؤكّد بشكل مُلح على ضرورة التوعية، وخاصة توعية الوالدين والأمهات على وجه الخصوص، بهذا الشأن، لتجنيب أطفالهم مستقبل مليء بالمشاعر المؤلمة، والتي من الممكن أن تفسد عليهم كل حياتهم.