وردنا إلى بريد الصفحة، قصة من السيدة هالا، وتقول:
قصصنا كثيرة، لا أعلم كيف أضع قصتي، فهي ليست تحرش كامل، بل كاد أن يحصل، وحصل مع ابنة الجيران، و أنا من أخبرت أمي عن الأمر، والقصة باختصار:
كان لدينا جار، وفي الوقت نفسه لديه دكانة في الحي، وكان كل الأهل يرسلون أولادهم للشؤاء من دكانته، لأنه جارنا، و”آدمي ويغض الطرف”، لكن سبحان الله، أنا وطفلة يمكن بعمر ٦سنوات فقط، لم أحبه، وكانت ابنته رفيقتي بالصف المدرسي.
حينها، كلّما احتاجت أمي غرض ما، كانت ترسلني لجلبه من دكانته وتقول (روحي لعند عمو أبو عصام واجلبي الغرض الفلاني)، كنت أرفض الذهاب وأرسل أخي بدلاً مني.
في إحدى المرات كنت عائدة من المدرسة ( على فكرة كان يعطي كل البنات بونبون ضيافة )، كنا ناخدها، وما نكذب على أهالينا، إذا كنا نخبرهم أنه هذه من عمو أبو عصام.
ودائماً كان يحاول عندما أكون في دكانته، أن يمد يده علي، أو يقول (تعي عمو عندي شغلة مخباية أعطيكِ ياها)، وتكون تلك الشغلة وراء مكتبه، و كنت أرفض و أقول له: ( لا معليش عمو غير مرة)، هذا بسبب أنه شعوري دائماً كان بمحله، وما كنت يرتاح له.
في إحدى المرات، دخلت لدكانته بعد المدرسة، فوجدت رفيقتي جالسة بحضنه، وهو يلامسها بطريقة مريبة، ركضت إلى البيت وأخبرت ماما، التي قالت لي: ( اسكتي وما تحكي لحد، وأنا سأتصرف).
و بعد فترة، سمعنا في البناية أصوات صراخ وشتائم، ولاحقاً فهمت أن أمي قد أخبرت أمها لرفيقتي، والأم سألت ابنتها، وتاكّدت أنه قد تحرّش بها، وكبر الموضوع وتهجّمت عليه الأم وواجهته وانفضح أمره، وبعد هذه الحادثة اختفى مع عائلته من الحي وباعوا البيت والدكانة ورحلوا من الي بشكل نهائي.
*تتكرر القصة التي روتها السيدة هالا، مئات بل ربما آلاف المرات، فأحد أهم أساليب جذب الطفل من قبل المتحرش البالغ، أو حتى الأقران والمراهقين الأكبر سناً، هو أسلوب الترغيب، ومحاولة كسب ثقة الطفل من خلال منحه بعض المأكولات المرغوبة، كالحلويات، أو من خلال الهدايا، كالألعاب التي يحبها الطفل ويرغب باقتنائها، وغالباً ما تكون هذه المنح، مجرد فخ لاستدراج الطفل، لذلك من المهم جدا توعية أطفالنا بهذا الأمر، والتأكيد عليهم بعدم أخذ أي شيء من الغرباء، سواء أطعمة أو ألعاب أو نقود للشراء ..الخ، كما من المهم معرفة كل علاقات الطفل مع أقرانه ومع البالغين، وطبيعة سير تلك العلاقات، إضافة إلى اهتمام الأسرة بمعرفة رغبات الطفل وحاجاته، والعمل على توفيرها قدر الإمكان، أو توعية الطفل بشأن إمكانية توفيرها له لاحقاً، فأيضاً، قد يكون الحرمان أحد أهم المداخل التي يسير بها المتحرّش للوصول للطفل.