اغتصبها أخوها وأسرتها تنكر الأمر، ومن ثم تتعرض للعقاب!

حدث في الشمال السوري…

تروي هذه القصة الواقعية، إحدى أعضاء مؤسسة نداء، وهي من تتابع الحالة بنفسها، وتقول:

أعمل في مركز حماية في الشمال السوري، ومنذ مدة تكررت زيارة شابة للمركز، وهي  في عمر الثامنة عشر، تطلب جلسات فردية طبعاً، والجميع هنا يعمل على مبدأ التأجيل، فالكل يؤجل الجلسات التي تُطلب، وخاصة وأن المركز لا يخدم هذه الفئة العمرية.

 أصابني الفضول، ودفعني الواجب الإنساني لمعرفة قصة هذه الفتاة الحزينة.

أخبرتها أنني سأتحدث معها جلسة رفاق، وأشعرتها بالأمان.

 قالت لي بدون أي سوابق: قصتي كبيرة، وأريد أن أتكلم، وبدأت بالسرد:

منذ أربع أوخمس سنوات، تعرضتُ للاغتصاب، (بداية حديثها، والثقة بكلامها، رغم الألم بهذه القصة، أصابتني رعشة في جسدي، وتفاجآت بإصرارها، رغم صغر سنها، على أن تتكلم عن معاناتها، طبعاً طلبت السرية، وعدم ‘خبار أهلها بالموضوع، وهذا بديهي وفي صلب عملنا)

بدأتُ بسؤالها :

كيف ؟ ومن ؟

قالت: إنه الشيطان أخي، فهو حيوان، وأما كيف، فنحن نسكن الخيام منذ أن نزحنا، وأمي وأبي يخرجان للعمل،  ونبقى أنا وأخي …

 أخي دائما ًيتكلم أمامي كلام سيء، وأنا أخاف من وجودي معه، أطلب من أمي اصطحابي معها، ولكن لا ترضى.

تواصل الشابة سردها:

 لم أشعر يوماً بانتمائي لكل عائلتي، فأنا أكرههم، وبالذات الشيطان أخي، وقد اعتدنا البقاء بمفردنا في الخيمة، وفي يوم ما كنت متعبة جداً، فأنا أعاني من عدة أمراض، وتفاجأت بأنه أحضر لي كأس ماء لأشرب الدواء، وحينها نمت، وعندما صحوت، تفاجأت بوجع غريب، ووجود دماء، وعلمت أنه قام باغتصابي.

*قاطعتها، وسألتها:

 ألم تسأليه؟

قالت: نعم ولم ينكر !!!!!

وأجابها أنها مريضة وعاجزة ويريد أن يستفيد منها !!

وتكرر الموضوع أكثر من مرة، إلى أن تأزّم وضع الطفلة الصحي، فهي تعاني من أمراض في الجهاز البولي، إضافة إلى عدة أمراض باطنية، عندها أخبرت الطفلة الطبيب المشرف على حالتها، وحصلت على تقرير طبي، يؤكّد تعرضها للاغتصاب عدة مرات، ولكن الكارثة بأن الأهل أنكروا وتستروا على ابنهم، وأخفوا التقرير عن ابنتهم، خوفاً من الفضيحة.

كانت تكرر كلمة  أكرههم أكثر من مرة !

طبعاً، بعد فضيحة الأخ، أصبحت الطفلة تتعرض للضرب، والكلام المهين،  منه ومن أبيه مراراً، وفي كل مرة يكرّرون كلمة “موتي”، وقالت أنّي ارتحت كثيراً، عندما تركونا أخي وأبي.

لقد عانت من أمراض عصبية متعددة، ووصلت إلى حالة الشلل، وقد وعجز أطباء الشمال عن علاجها، فاستكملت علاجها في تركيا، واستطاعت التغلب على الشلل، ولكن لم تستطع التغلب على هذه الذكرى الشنيعة.

*على غرار جميع القصص، طلبت الطفلة السرية التامة، خوفاً من معرفة أهلها!! لذا لم أذكر اسمها، ولكنّها مصرّة أن تتكلم، وتبحث عن مساعدة، للتخلص من الآثار السلبية لتلك الحادثة.

**إنكار الأهل لما تعرضت له ابنتهم، وتعريضها للأذية لاحقاً من الأخ المغتصب، للأسف إنها ردة فعل شائعة غالباً، في أغلب حالات الاغتصاب التي تتم في محيط الأسرة، أو ما يُسمى ب (سفاح القربى)، واستمرا الضحية بالعيش مع العائلة ذاتها، وعدم توفّر بديل من مؤسسات رعاية وحماية مجتمعية، تجعل هذه المأساة تتكرر، وبصمت، فالعديد من مثل هذه الحالة لا تصل إلى الأسماع، وتموت مع آلام الضحية بصمت، إلا عندما يقرر الضحايا الحديث عنها، كنوع من البحث لأنفسهم عن علاج وحلول للتشافي من آلامهم، وأمام هكذا حالات نحن جميعاً مسؤولون كأفراد وكمجتمع، على طرح الحلول، وأولها المطالبة بوجود مؤسسات رعاية خاصة لهؤلاء الضحايا، تبعدهم عن المحيط الذي تسبب بأذيتهم لهذه الدرجة من المأساوية، وتعمل على علاجهم وإعادة تأهيلهم ليمضوا بحياتهم بصورة أفضل.