نشرت الصحف الإسبانية يوم الجمعة الموافق 27 اكتوبر/ تشرين الأول، تقرير لجنة مستقلة في إسبانيا ، يُظهر أن أكثر من 200 ألف شخص في البلاد تعرضوا لاعتداءات جنسية من قبل رجال دين مسيحيين.
التقرير الذي قدمه أمين المظالم “أنخيل غابيلوندو” لمجلس النواب الإسباني، في ختام أعمال لجنة مستقلة هي الأولى من نوعها في إسبانيا، لتقييم مدى انتشار الجرائم ضد الأطفال في كنف الكنيسة الكاثوليكية، استعرض أعداداً صادمة جداً.
قال “غابيلوندو” في مؤتمر صحافي: (إن القضايا تتعلق بشكل رئيسي بالفترة الممتدة من 1970 حتى يومنا هذا).
يتناول التقرير الجرائم التي تعرض لها الضحايا عندما كانوا قاصرين، وبالرغم من أن الأرقام التي قدمتها اللجنة ليست دقيقة، فإن نتائج استطلاعات الرأي التي شارك فيها أكثر من ثمانية آلاف شخص، حول إذا ما تعرضوا له من قبل رجال الدين الكنسيين، خلال فترة ما قبل البلوغ، أكّدت تلك الأرقام.
كان النواب الإسبان في آذار/مارس 2022 م، قد كلفوا لجنة خبراء مسؤوليتها تسليط الضوء على ما سموها ب “الأفعال الشخصية الدنيئة المرتكبة ضد أطفال عزل” داخل الكنيسة الإسبانية، واعتمدت اللجنة في القيام بعملها على خبراء في القانون وفي مساعدة الضحايا، وكذلك استندت إلى شهادات ضحايا أنفسهم.
حسب التقرير فإن 0,6 بالمئة من البالغين في إسبانيا، الذين يقدر عددهم الإجمالي بـ39 مليون شخص، أكّدوا أنهم تعرضوا لاعتداءات جنسية، عندما كانوا قاصرين، قام بها رجال دين مسيحيون، بينما قال 0,53 بالمئة من المستطلعة آراؤهم، إنهم تعرضوا لاعتداءات جنسية عندما كانوا قاصرين، ارتكبها أشخاص عاديون يعملون في مؤسسات دينية.
انتقد التقرير موقف الكنيسة الكاثوليكية، معتبرا أن رد فعلها على حالات الجرائم ضد الأطفال داخلها “غير كافٍ”، وطرح عدة توصيات، من بينها إنشاء الدولة صندوقاً لدفع تعويضات للضحايا.
موقف الكنيسة
قبل نشر التقرير، أعلن المؤتمر الأسقفي للكنيسة الكاثوليكية، أنه سيعقد جمعية عامة استثنائية الاثنين المقبل/ الذي تلا نشر التقرير يوم الجمعة الماضي الموافق يوم 27 من اكتوبر الماضي/ يناقش خلالها الأساقفة التقرير، وحسب الصحافة الإسبانية، إن الكنيسة رفضت لسنوات إجراء أي تحقيق معمّق، ولم ترغب بالمشاركة في عمل اللجنة التي أنشأها النواب، لكنها وافقت على تزويد اللجنة في آذار/مارس الماضي بمعلومات حول حالات جرائم ضد الأطفال، كانت قد جمعتها الأبرشيات.
في شباط/ فبراير2022م، اتخذت الكنيسة خطوة أولى بإطلاق تدقيقها الخارجي الخاص، الذي أوكلته إلى شركة “كريمادس وكالفو سوتيلو” للمحاماة، وذلك بعد تعرضها للضغوط السياسية، ومواجهتها اتهامات بعرقلة عمل اللجنة، ورغم طلب المؤتمر الأسقفي منذ بضعة أسابيع من مكتب المحاماة، القيام بنشر تقريره في غضون عشرة أيام، لا يتوقع الخبراء نشر نتائج هذا التدقيق إلا في نهاية العام، بعد نشر ملخص عنه في تشرين الثاني/نوفمبر، بينما أعلنت الكنيسة في سياق دفاعها عن نفسها أنها وضعت بروتوكولات للتعامل مع العنف الجنسي، وأنشأت مكاتب لـ “حماية الطفولة” داخل الأبرشيات، واعترفت في حزيران/يونيو الماضي، بأنها جمعت شهادات من 927 ضحية، ويعتبر المراقبون أن هذا الرقم منخفض جداً، مقارنة بإحصاء أجرته صحيفة “إل باييس” الإسبانية اليومية، التي أنشأت قاعدة بيانات عام 2018م، متحدثة عن وجود 2206 ضحية، كما تحدثت الصحيفة عن وجود 1036 شخصية دينية، متهمة بالاعتداء الجنسي على قاصرين، وحسبما أشارت الصحيفة في عددها الصادر يوم نشر التقرير بتاريخ 27 اكتوبر الماضي، أنه وفقاً للخبراء فإن “هذا غيض من فيض”، بما يتوافق مع نتائج التقرير الي تم نشره.
يعتبر المهتمون والخبراء بهذا الشأن، أن الدولة الإسبانية قد تأخرت كثيراً عن ركب باقي الأوربيين في الاهتمام بهذه القضية، وخاصة بعد تفجّر قضايا الاعتداءات الجنسية في الكنائس على الأطفال، في مختلف أنحاء أوربا، وأنه عليها اتباع سياسة الدول الأخرى باتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية الأطفال، ووضع آليات لتعويض الضحايا، وبحسب وكالة رويترز فإن عدة دول قد فتحت تحقيقات بهذا الشأن، منذ سنوات عديدة مضت.
المصادر:
*وكالة الأنباء الفرنسية.
*فرانس 24.
*رويترز ووكالات أخرى، نشرت في: 28 و27 /10/2023
*إعداد: خولة حسن الحديد.