أصدرت محكمة “كاين” الفرنسية حكماً غيابياً، بالسجن 15 عاماً على الكاهن اللبناني “منصور لبكي”، بعد إدانته بتهم اغتصاب أطفال والاعتداء عليهم جنسياً، وهذا الحكم لم يكن نتيجة اتهامات حديثة للكاهن، بل هي نهاية لسلسلة قضايا بحقه، والتي كان يعرقلها القضاء اللبناني بعدم إدانته ورفض تسليمه ؛ فقد صدرت بعام 2016م، مذكرة توقيف دولية من القضاء الفرنسي بحق الكاهن (الأب) منصور لبكي، وذلك على الاشتباه بإقدامه على اغتصاب قاصرتين، وجاء بإفادة مدعية الجمهورية الفرنسية في مدينة كان “كارول اتيان”، بأن قاضي التحقيق المكلف بالقضية منذ 2013 م” أصدر مذكرتيّ توقيف دولية وأوروبية بحق الكاهن منصور لبكي؛ فهو ملاحق بتهم اغتصاب فتاة بعمر 13عام، في دار أيتام أشرف عليها بين 1991 و1998م، في “دوفر لا ديليفراند” على بعد 10 كلم من مدينة “كان”، على حسب ما أفادت “سولانج دوميك”، محامية الفتاة، والتي اتخذت صفة الادعاء الشخصي، وأضافت المحامية أن ضحيتين أخريين، كانتا قاصرتين عند وقوع الأحداث، رفعتا أيضاً دعوى بتهمة الاغتصاب أو التحرش الجنسي، لكنهما لم تتخذا صفة الادعاء الشخصي حتى الآن؛ وتابعت المحامية “دوميك” أن مجمع عقيدة الإيمان (بمثابة قضاء الفاتيكان) أدان لبكي في 2012 بارتكاب “جرائم جنسية بحق قاصرات” وثبت الحكم في 2013، وقالت المحامية أن لبكي ينفي الوقائع، ورفع شكوى بحق عدد من الضحايا المفترضين الذين كشفوها، وتابعت أن الكاهن لم يعد يدير ميتماً، لكنه في لبنان “يخالف بالكامل قرارات الكنيسة التي منعته من إحياء القداديس علناً ولقاء الشباب، وفرضت عليه حياة عزلة للصلاة والتوبة”، كما أكدت أن لـ”لبكي” تأثيراً كبيراً في لبنان، كما كان عليه الأمر في فرنسا، كما يتمتع بدعم ثابت من الكنيسة المارونية، وطالبت بإحالته الى محكمة جنايات فرنسية.
ولكنّ العديد من الاتّهامات التي ساقها هؤلاء، ضدّ الكاهن اللبناني والتي تعود وقائعها إلى تسعينيات القرن الماضي، سقطت بالتقادم.
والمثير للسخط أكثر، هو ما جاء على لسان “سيليست عقيقي”، وهي ابنة أخت منصور لبكي، التي سبق أن ادّعت عليه بتهمة التحرّش جنسياً بها هي أيضاً، (إنّ الإدانة ستشكّل اعترافاً ببراءة الضحايا، إنّه أمر أساسي لالتئام الجروح، خصوصاً أنّه لا يبدي أيّ ندم، ويقدّم نفسه على أنّه ضحية مؤامرة).
وكانت مذكرة توقيف دولية صدرت بحقّ الكاهن اللبناني في نيسان/أبريل 2016، لكنّ بيروت رفضت تسليمه، وانبرى الكثير من الإعلاميين والصحافيين حينها للدفاع عنه، والبعض ذهب لاتهام الضحايا وتلفيق التهم لهم.
* منصور لبكي هو كاهن ماروني ومؤلف موسيقي وكاتب لبناني، اشتهر بأعماله الخيرية، والتربوية لمساعدة الأطفال اللبنانيين، من جميع الطوائف الذين عاشوا الحرب الأهلية اللبنانية، كما اشتهر بتأليفه وتلحينه العديد من التراتيل الكنسية،
*في تاريخ 9_11_2021م المدّعي العام “باسكال شو”، طلب عقوبة السجن 15 عاماً للمتّهم، قال في مرافعته: إنّ لبكي لم يتوقّف أبداً عن تشويه سمعة المدّعيات، وذهب إلى حدّ اتهامهنّ بالجنون”، وأضاف أنّ الكاهن “مارس أيضاً ضغوطاً، مباشرة أو غير مباشرة، على بعض الضحايا أو عائلاتهم”، معلّلاً العقوبة التي طلب إنزالها بالمتّهم “بخطورة” الجرائم المسندة إليه، وأضاف المدعي العام أن المتهم (لم يتجاوب بتاتاً مع طلبات قاضي التحقيق، مدّعياً أنّ لديه مشاكل صحية لم نتمكّن من التحقّق منها)
ويذكرأن لبكي يقيم في لبنان، ولم يحضر جلسة محاكمته، وفق ما أفاد صحافي في وكالة “فرانس برس”، ومنذ بدء الدعاوى في حقّه، يعيش بعيداً عن الأضواء في دير تابع لرهبنة لبنانية.
**إعداد: محمود عبود.
*قد يبدو من الصعب تعداد مآثر “منصور لبكي”، حسب ما يُكتب عنه في الإعلام عموماً والإعلام اللبناني خصوصاَ، وإن لمن الصادم والخطير جداً أن يكون شخص بصفاته هذه، ومسؤول لعقود عن آلاف الأطفال والناشئين، هو المعتدي والمتحرش والمغتصب لبراءة الطفولة، ولأيتام لا حول لهم ولا قوة، ولعل الأخطر من ذلك يتمثّل في عدة نقاط:
*سقوط بعض القضايا بالتقادم، وهذا مؤسف ومؤلم جداً، ويسيء إلى روح العدالة ومفهومها.
*الدفاع عنه “لبكي” في المنصات الإعلامية والمدنية، ومن قبل جهات ومنابر شهيرة، ومن قبل عدد لا يُستهان به من المثقفين والإعلاميين اللبنانيين والعرب.
*حماية “لبكي” من الدولة اللبنانية، والكنيسة المارونية في لبنان، وهذا مؤسف جداً، ويفضح علناً، وبشكل فج، وبلا حياء حجم ما تقوم به حكومات وأنظمة دول منطقتنا، بحماية المعتدي والمجرم وتلميع صورته، على حساب آلاف وربما ملايين الضحايا، مما يجعل أي إنسان بيننا يُفكر بتلقائية: أن هذه المنطقة من العالم لا تصلح للعيش الآدمي!