*طفل سوري يتعرض للاغتصاب في أحد مخيمات اللجوء في ألمانيا
نشرت المدونة “هيا توركو”، على صفحتها في موقع فيسبوك، قصة تعرض طفل سوري للاغتصاب في أحد مخيمات اللاجئين في ألمانيا، ونقلت “توركو” حديث الأم معها عبر الواتس، ملخصة رحلة مضنية من الألم والعذاب، عاشتها مع أطفالها من سوريا إلى اليونان، وصولاً إلى ألمانياً، بحثاً عن الأمان لأطفالها، ليتعرض طفلها للاغتصاب في حدث صادم جداً، وبهذا السياق قالت الأم:
(أنا تعبت، عم أموت موت بطيء، عم احترق لحظة وانطفي لحظة، المطبخ بالمركز مشترك، طلعت أحضّر الطعام لأولادي، غبت ربع ساعة، عدت إلى الغرفة المخصصة لنا فوجدت طفلتي، لكن طفلي الصغير لم يكن بالغرفة، فتحت نافذة الغرفة المطلة على حديقة المركز، طفلي ليس له أي أثر، راحت بنتي تبحث عنه في ممر المركز، ثم عادت تصرخ:
“ماما، لقيت أخوي ماسكينه ولدين و مشلحينه ثيابه”، ركضت إلى طفلي، أحضرته إلى الغرفة، ظهره ملون بالخطوط الحمراء التي تركتها أصابع المراهقين، و مؤخرته حمراء ملتهبة، صرخت، وهرعت إلى إدارة المركز، ليقاطعوني بأن الجاني قاصر، و لا يمكن أن نفعل معهم شيئًا…..).
وتعقّب السيدة “توركو” بتوضيح:
(تعرض الصبي ابن الخمسة أعوام تقريباً إلى اعتداء واغتصاب، من قبل مراهقين اثنين، أحدهما من أفغانستان، والآخر من بيلاروسيا -نذكر الجنسيات في سبيل المصداقيه لا العنصرية- والابن في حالة نفسية يرثى لها، صدمة جديدة تنضم إلى شخصيته البائسة، يتغوط على نفسه منذ ثلاث ليالي تقريباً، و يدخل في نوبات بكاء هستيرية، تشبه نوبة البكاء التي أكتمها أنا منذ تلك المكالمة و للحظة هذه…..).
في تعليق على الموضوع أضافت “توركو”:
(أخذت الأم طفلها إلى الطبيب، والطبيب أثبت حدوث اعتداء جنسي على الصبي الصغير، فقامت الإدارة بنقل الأم وأطفالها إلى منزل يبعد عن المركز و الروضة نحو 52 دقيقة، و تم طي الملف، وكأن شيئا لم يكن، الجاني قاصر، ولا يزال في المركز عشرات الأطفال، ممن سيلقون المصير ذاته ربما، لو لم يتم حمل القضية بشكل جدي و صارم).
الاستغلال الجنسي للأطفال على رأس قائمة مخاطر رحلات اللجوء
تُعيد هذه الحادثة الصادمة إلى الأذهان، كم المخاطر التي يتعرض لها الأطفال خلال رحلة اللجوء، سواء في البر أو البحر، فعدا عن الإهانات والتعامل السيء من قبل المهربين، أو حرس الحدود، والمشاهد المؤلمة التي عايشها بعضهم، عندما تعرضت مراكبهم للغرق، وفقدوا أفراد من عائلاتهم، فإن تعرض بعضهم للتحرش والاغتصاب، كان قمة العنف الذي تمت ممارسته عليهم، وتتضاعف المخاطر عندما يسافر بعض الأطفال وحدهم، دون ذويهم، برفقة أقارب أحياناً، أو حتى بدون أي مرافق، ففي تقرير أصدرته منظمة اليونيسيف في الأمم المتحدة خلال يونيو/ حزيران 2016م، تتكشّف المخاطر التي يتعرض لها هؤلاء الأطفال، وعلى رأسها “الاستغلال والعنف الجنسي”، فقد صرّح أخصائي اجتماعي لليونيسف، بأن الأولاد والبنات يتعرضون للاعتداء الجنسي على حد سواء، ويجبرون على الانخراط في أعمال الدعارة وهم في ليبيا، حتى إن بعض الفتيات وصلن إلى إيطاليا، وهن حوامل، نتيجة تعرضهن للاغتصاب.
في عام 2016م أيضاً – نشرت خلال يونيو / حزيران – أكّدت نتائج دراسة ترصد معاناة الأطفال اللاجئين في مخيمين موجودين في فرنسا، أن أطفالاً يتعرضون للاستغلال الجنسي، ويتم تسخير فتيات لممارسة الدعارة من قبل المهربين، مقابل مساعدتهن في عبور الحدود الفرنسية تجاه بريطانيا، وتضمنت الدراسة شهادات لـ60 طفلاً تتراوح أعمارهم بين الـ 11 و الـ 17 تعرضوا لنوع من أنواع الاستغلال الجنسي.
كانت وسائل إعلام تركية قد كشفت في العام نفسه – 12 مايو 2016م – عن تعرض أطفال سوريين لاعتداءات جنسية، في مخيم للاجئين السوريين بولايىة غازي عنتاب جنوب شرقي تركيا، من قبل أحد عمال الصيانة والنظافة في المخيم، وحسب ما ذكرت صحيفة “حريت” التركية في تقرير لها، أن الأطفال الذين تم الاعتداء عليهم تتراوح أعمارهم بين 8 و12 سنة، وقد تعرضوا للاعتداء على مدار 3 أشهر، وقد اعترفت هيئة الطوارئ وإدارة الأزمات التركية المشرفة على المخيم بوقوع الاعتداء، كما أفادت صحيفة “بيرغون”، عن الاشتباه في إقدام العامل الذي أوقف في سبتمر العام الماضي، على اغتصاب حوالى 30 طفلاً، لكن أغلبية العائلات لم ترفع دعوى خشية طردها، وطالب النائب العام بسجن المتهم مدة 289 عاماً، واتهم الرجل بجذب ضحاياه إلى دور مياه، حيث اغتصبهم مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 1,5 و5 ليرات تركية، بحسب صحيفة “دوغان”، وقالت حينها وكالة حالات الطوارئ الحكومية التي تدير المخيم الذي يأوي 10800 لاجىء، في بيان لها إنها (اتخذت إجراءات لتجنب تكرار حوادث من هذا القبيل، وتتابع القضية عن كثب)، في حين حُكم لاحقاً على المواطن التركي بالسجن 108 سنوات.
حسب التقارير الدولية، فقد أصبح الأطفال يشكّلون نصف عدد اللاجئين والنازحين حول العالم، وتؤكد الأمم المتحدة أن عدداً كبيرا من الأطفال لا يرافقهم أقاربهم، وبسبب ذلك يواجهون مخاطر عبور الحدود، ويقاسون معاناة اللجوء لوحدهم، وفي إحدى تغريداتها على تويتر، في اليوم العالمي للاجئين، تقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: (هل علمتم؟ 51 في المئة من اللاجئين أطفال).
كما أفادت منظمة اليونيسيف في تقريرها – المذكور سابقاً- أن 7,009 طفل غير مصحوبين بذويهم، عبروا خلال الخمسة أشهر الأولى من السنة -أي عام 2016م- من شمال إفريقيا إلى إيطاليا، أي أن العدد تضاعف مقارنة بما كان عليه العام الماضي / 2015م.
حذّرت جامعة هارفارد في دراسة لها، عام 2017م، من “التنامي المريع” للاستغلال الجنسي، وشتى الانتهاكات الأخرى في اليونان، التي كانت تأوي آنذاك 62000 من طالبي اللجوء، الذين تقطّعت بهم السبل بعد اتفاق تركيا مع الاتحاد الأوروبي، والذي يقضي بإغلاق حدود أوروبا، وخلص مؤلفا التقرير “فازيليا ديجيديكي” و”جاكلين بهابها” إلى أن سياسي الاتحاد الأوروبي فاقموا الأمور سوءاً، عبر إجبار اللاجئين الأصغر والأكثر عرضة للخطر باللجوء إلى المهربين، والذين يجبرونهم على اتباع سبل يائسة لدفع أثمان التهريب كي يتخلصوا من الابتزاز، وفي الوقت الذي تتزايد فيه محاولات المهاجرين اليائسة الوصول إلى أوروبا أكثر من أي وقت مضى، تتناقص الإرادة السياسية لمساعدة هؤلاء، ويجب أن يتعاون أصحاب المصلحة من اليونانيين، وفي العالم، لاتخاذ تدابير وقائية كافية، وكذلك إيجاد طرق آمنة لهجرة الأطفال الذين هم بأمس الحاجة للحماية. *(ستنُشر هذه الدراسة بالتفصيل في تقرير خاص لاحقاً).
في ديسمبر 2018م، أصدرت الأمم المتحدة تقريراً يرصد أوضاع المهاجرين واللاجئين في ليبيا – كمنطقة عبور باتجاه أوربا – وأكّد التقرير أن “الغالبية العظمى من النساء، والفتيات المراهقات، اللواتي قابلتهن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، أفدن بأنهن تعرضن للاغتصاب الجماعي، من قبل المهربين أو تجار البشر”، وقد أجرى موظفو الأمم المتحدة زيارات إلى 11 مركز احتجاز، يُحتجز فيها آلاف المهاجرين واللاجئين، وقاموا بتوثيق التعذيب وسوء المعاملة والسخرة والاغتصاب من قبل الحراس، وأفادوا بأن النساء غالباً ما يُحتجزن في مرافق ليس فيها حارسات من الإناث، مما يفاقم من خطر التعرض للاعتداء والاستغلال الجنسي، وكثيراً ما يتم إخضاع المحتجزات إلى عمليات تفتيش، يقوم بها حراس ذكور، بعد تعريتهن أمام أنظارهم.
عن تعرض النساء والأطفال للعنف الجنسي في مخيمات اللجوء، حتى في أوربا، قال “وليام سبيندلر”، من مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في اليونان، وهي إحدى نقاط دخول المهاجرين الرئيسية إلى أوروبا، بأن مراكز الاستقبال غالبًا ما تكون مكتظة، وتفتقر إلى الإضاءة الكافية، ولا تمتلك مساحات منفصلة للنساء العازبات، ويضيف موضحاً: (الرجال والنساء والأطفال ينامون في ذات المساحة، وفي جميع أنحاء أوروبا، تم إبلاغ موظفينا عن حصول حالات عنف جنسي أو عنف أسري)، كما يُشير أحد التقارير التي أعدت عن أوضاع المخيمات في ألمانيا عام 2015م:
(حتى في ظل الأمان النسبي في ألمانيا، يُكافح نظام اللجوء لتوفير الاحتياجات الأساسية لحوالي مليون مهاجر، وصلوا إلى ألمانيا عام 2015م، ولكن هذا النظام يعاني من نقص مدقع فيما يتعلق بتوفير الحماية الأساسية للمرأة، كغرف النوم التي تحتوي على أقفال للأبواب،”الأولوية في ألمانيا كانت لتجنب تشرد الأسر”، قالت السيدة “هايكه رابي”، خبيرة الجنسين في المعهد الألماني لحقوق الإنسان، وأضافت: “ولكن وجود بيئة تسهل عن غير قصد وقوع ممارسات العنف ضد المرأة، تعتبر أحد عوامل الخطر، لذا لا يمكننا أن نسمح بتجاوز هذه المعايير”، كما قال “جان شيبموم”، الذي يدير منزلين لطالبي اللجوء في شرق برلين، إن هذا أمر يسهل قوله ولكن يصعب تنفيذه، حيث يشير إلى عدم وجود سوى حمامين في الطابق الواحد، فضلًا عن إتخام الغرف جميعها بطالبي اللجوء واللاجئين.
من المؤسف أن تؤكّد حادثة الاعتداء الجنسي على الطفل السوري ابن الخمس سنوات، المذكورة في بداية هذا الموضوع، كلام المسؤولين، والعاملين في مخيمات اللجوء الألمانية، ورغم أن ما يفصل حادثة الطفل اليوم، عما تحدثوا عنه، ما يقارب السبع سنوات، فيبدو أن الصورة ما زالت معتِمة، وأن الظروف لم تتغير، وإنه حتى في أكثر الدول تقدماً، لا يُمكن تطبيق المعايير والضوابط الإنسانية والقانونية، ويبقى الواقع مختلف عما يتبناه الجميع من قيم، ويبقى الضحايا وحدهم من يدفعون الأثمان الباهظة، وخاصة من الأطفال، تلك الفئات الأكثر هشاشة، والأكثر تأثّراً بكل تلك الظروف الضاغطة، وعليه فإن مسؤولية حماية الأطفال، وتجنيبهم مخاطر اللجوء، تقع بالدرجة الأولى على الأسرة، ويجب على مفوضية اللاجئين إعادة النظر في تقييمها لملفات اللجوء، ومنه الأولوية للأطفال ممن فقدوا أسرهم، لتجنيبهم رحلة اللجوء وما تتضمنه من مخاطر كبيرة جداً.
*المصادر:
*تقرير الأمم المتحدة: (المهاجرون واللاجئون يقاسون “أهوالا تفوق الخيال” في ليبيا)، المنشور على موقع المنظمة بتاريخ 20 ديسمبر/ كانون الأول، عام 2018م:
https://news.un.org/ar/story/2018/12/1023951
*تقرير منظمة اليونيسيف في الأمم المتحدة:(حول المخاطر التي تواجه اللاجئين والمهاجرين اليافعين الهاربين إلى أوروبا من غير المصحوبين بذويهم)، المنشور على موقع المنظمة بتاريخ 14 حزيران/ يونيو، 2016م:
https://news.un.org/ar/story/2016/06/253452
*تقرير (محاولات الهجرة توقع السوريات فريسة الاستغلال الجنسي)، نيويورك تايمز، إعداد كاترين بنهولد، وترجمة وتحرير موقع “نون بوست”، المنشور بتاريخ 1 أبريل/ نيسان، 2016م:
https://www.noonpost.com/content/9686
*الموقع الإلكتروني شمس/ الأخبار العالمية، 13 أيار/ مايو 2016م نقلا عن RT وسكاي نيوز:
https://www.shemsfm.net/amp/ar
*راديو سوا، الموقع الإلكتروني، 24 حزيران/ يونيو، 2016م:
https://www.radiosawa.com/archive/2016/06/24
* صحيفة الاندبندنت البريطانية، 21 أبريل/ نيسان، 2017، ترجمة “خولة الحديد”:
*صفحة المدونة “هيا توركو” على الفيسبوك، بتاريخ 8 أيلول/ سبتمبر، 2022م:
https://www.facebook.com/profile.php?id=100009553021196
**إعداد: خولة حسن الحديد/ القسم الإعلامي في مؤسسة نداء.