كيف يمكن معالجة التجربة؟؟
كلما كانت العلاقة بين الضحية والجاني أوثق، زادت الصدمة وآثارها على الضحية. إن الشيء المهم للغاية بالنسبة للطفل الذي تعرض لاعتداء جنسي هو المرونة ، أي القدرة على التغلب بنجاح على الأزمات النفسية، وعواقبها، وتختلف الأعراض والعواقب بعد الإساءة، وتعتمد على عوامل مختلفة، وهذا يعني أنه يُمكن لبعض الضحايا معالجة تجربة العنف، والتغلب عليها بسرعة ، بينما يعاني البعض الآخر من التجارب المؤلمة لبقية حياتهم، عقلياً وجسدياً.
آثار الاعتداءات الجنسية على الأطفال
- تشمل الآثار الضارة الشائعة، الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب واضطرابات القلق، واضطرابات الأكل، والعزلة الاجتماعية، والعدوانية، والعجز الجنسي والرهاب الاجتماعي، واضطرابات الشخصية، واضطراب ما بعد الصدمة وتعاطي المخدرات.
- يُمكن أن تحدث أيضاً صعوبة في التركيز أثناء الدراسة، أو اضطرابات النوم ، أو إيذاء النفس أو محاولات الانتحار.
- عواقب جسدية مباشرة، مثل التورم في الجسم، واحمرار الجلد، وعلامات العض ، والورم الدموي، والشقوق أو الالتهابات في منطقة الأعضاء التناسلية.
- لا يعاني ضحايا سوء المعاملة من أضرار نفسية فحسب، بل قد يصبحون أيضاً على المدى الطويل أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب التاجية، والسكري وآلام البطن.
- يشعر العديد من الأطفال الذين تعرضوا للإيذاء، بأنهم موصومون بالعار والذنب، يعتقدون أن هناك شيئًا خاطئاً بهم أو بأجسادهم، أدّى إلى الاعتداء الجنسي، أو أنه يُنظر إليهم على أنهم ضعفاء، في مثل هذه الحالات، تقل ثقة الضحية بنفسه، ويُشار إلى هجمات الأشخاص الموثوق بهم على أنها صدمة، والتي يمكن أن تؤثر على حياة المتضررين بأكملها، وتعتبر الصدمة تجربة شديدة، ومؤلمة، تثقل كاهل النفس البشرية.
- الطفولة أو مرحلة ما قبل البلوغ، هي مراحل حساسة بشكل خاص من التطور الجنسي التي يمر بها الأطفال خطوة بخطوة، والتي يشكلون فيها هويتهم الجنسية، ومع ذلك، إذا تعرض الأطفال لمثل هذه التجارب المؤلمة في هذا العمر ، فيمكنهم أيضًا ربط النشاط الجنسي بالعنف والإكراه في وقت لاحق من الحياة ، وقد يستخدمون العنف بأنفسهم كوسيلة لتلبية الاحتياجات، بالإضافة إلى ذلك ، لا يمكنهم في كثير من الأحيان فهم أن الجنس هو حاجة إنسانية أساسية مرتبطة بالحب والعلاقة الحميمة.
- كلّما كانت العلاقة بين الضحية والجاني أوثق، زاد خطر تعرض الطفل لسوء المعاملة من قبل الجاني، وكلّما طال تعرض الطفل للإيذاء أيضاً، كقاعدة عامة.
- الأسرة هي المجال المركزي في حياة الأطفال ، خاصة في السنوات الأولى من العمر، عندما يحتاجون إلى رعاية مركزة ودعم واهتمام وتعليم، وتلعب القوة دوراً رئيسياً في ارتكاب العنف الجنسي في الأسرة ، حيث يستخدم أحد أفراد الأسرة موقع القوة والسلطة لاستغلال الطفل لتلبية احتياجاته.
- غالباً ما يتم إسكات الأطفال المتضررين، وتهديدهم بعواقب سلبية من قبل المعتدين، مما يترك الأطفال محاصرين في التبعية العاطفية والسرية، ويحتفظ الأطفال بهذا السر لأنهم يشعرون بالذنب، والمشاركة والخوف من العقوبات، والتعرض والحكم الأخلاقي، قد يكون تجاوز هذا صعباً جداً في العلاج النفسي، لأن المرضى غالباً ما يخجلون مما حدث، وبالتالي لا يستطيعون التعبير عن أنفسهم بوضوح، من أجل تحفيز مرضاهم على التحدث عن تجاربهم ومعاناتهم ، يجب أن يذكر المعالجون أن العديد من الأشخاص مروا بمثل هذه التجارب المجهدة في طفولتهم، وأنهم يجدون صعوبة أيضاً في وصف التجارب بالكلمات. غالباً ما يكون الضحايا غير قادرين على فهم مشاعرهم، أو تطوير الثقة بالنفس بسبب التجارب المجهدة التي مروا بها.
علاج الأطفال الضحايا
- يجب على المعالجين النفسيين التأكد من أن العلاقة بينهم وبين مرضاهم تتميز بالأمن، والاستقرار، والاعتبار، والثقة والدعم.
- في المرحلة الأولى من العلاج، من الضروري إقامة علاقة علاجية قائمة على الثقة مع المريض، إذا شعر المريض المصاب بالأمان أثناء العلاج، فيُمكنه التحدّث بشكل أفضل، عن مشاعره ومخاوفه وآماله وخبراته.
- تلعب وظيفة الذاكرة دوراً مهماً في الصدمة، مما يعني أن الأشخاص المصابين قد يبقون تحت تأثير الصدمة لاحقاً في مرحلة البلوغ، وفي ظل ظروف معينة، يسترجعون داخلياً التجارب الصادمة السابقة، ويمكن أن تعود التجارب السابقة من سوء المعاملة من خلال الإساءة المتجددة، أو التجارب الجنسية الأخرى، أو بعض الصور أو الروائح.
- في العلاج، يجب على الضحية تطوير المهارات لإدارة مشاعره المؤلمة، والذكريات المؤلمة، من خلال إدارة الإجهاد والتهدئة الذاتية.
- من أجل حماية الأطفال والشباب من العنف الجنسي، يجب تهيئة ظروف وإطار اجتماعي معين، واتخاذ تدابير خاصة للعمل مع الأطفال والآباء والمهنيين.
- يجب على الآباء والمدارس تعزيز صمود الأطفال، من أجل التمكّن من تقوية شخصياتهم مرة أخرى بعد الأزمات، وتمتع سلوكهم بالمرونة، و تُعرَّف المرونة بأنها الطاقة النفسية للأطفال، أو قدرتهم على التعامل مع المخاطر التنموية، والمجتمعية، والبيولوجية، والنفسية والاجتماعية.
- المرونة ليست فطرية، ولكن يمكن تعلّمها، على سبيل المثال، يجب على الآباء أو المهنيين أن يكونوا مؤهلين لحماية الأطفال في المجتمع، من الاعتداء الجنسي قدر الإمكان، إذ تٌظهر بعض الأبحاث أن نصف المعتدين الجنسيين هم أنفسهم ضحايا للعنف الجنسي، وجميعهم تقريباً كانوا ضحايا للاعتداء العاطفي، والجسدي، والإهمال والتمييز
- تعتمد الأسباب التي يمكن أن تكمن وراء السلوك الجنسي المسيء على المجتمع، والمدرسة، والوالدين والبيئة، ومن أجل حماية الأطفال، أو النساء من جميع أنواع العنف الجنسي في المستقبل، يجب تحرير موضوع الاعتداء الجنسي من المحرمات، وخلق مناخ اجتماعي يُمكن فيه التحدث عن الموضوع دون خجل. والتعليم يجب أن يأخذ بعين الاعتبار هذه المسألة، إذ يجب تعليم الأطفال والشباب أن العنف الجنسي يُمكن أن يحدث، وما هو عليه، وأين يبدأ، وكيف يمكن أن يتصرفوا إذا اقترب منهم شخص ما بطريقة غير مناسبة أو غير مريحة ، وكيف يمكنهم التعرف على حدودهم، واحترامها، وأن لهم الحق ليقول لا، وأنه ليس خطأهم بأي حال من الأحوال، إذا حدث شيء كهذا لهم، وأين يمكنهم الذهاب لطلب المساعدة.
*باربرا ميخائيل