قامت إدارة سلامة الطفل التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في إمارة الشارقة، بالإمارات العربية المتحدة، بتجربة اجتماعية تحت عنوان “هكذا يستغلون براءة الأطفال”، والتي تهدف إلى توعية الأطفال وأولياء أمورهم لخطر التعامل مع الغرباء، والسعي لتزويد الأطفال بالوعي اللازم والمهارات الضرورية لمواجهة مخاطر التحرش، ونشر الوعي والمعرفة بين الآباء والمعلمين، لضمان سلامة الأطفال وتوعيتهم.
تضمنت التجرية وضع عربة لبيع الآيس كريم، يتم من خلالها استدراج الأطفال لداخل العربة، إذ يقوم البائع باخبار الطفل أنه يمكنه الحصول على الآيس كريم مجاناً إذا ما رافق البائع إلى داخل العربة أو خلفها، فيتم استدراجه بهذه الطريقة، مما قد يعرضه للتحرش أو الأذية بطريقة ما.
نشرت الإدارة فيديو التجربة يوم السادس والعشرين من الشهر الجاري، والتي استمرت لعدة ساعات، وكانت النتيجة صادمةـ عندما انتهت التجربة مساء ذلك اليوم في الساعة الخامسة والنصف- حيث رفض طفل واحد الدخول للعربة من أصل 37 طفل، خوفاً من خطفه أو أذيته.
ردود أفعال الجمهور
أثار الفيديو الذي نشرته إدارة سلامة الطفل على مواقع التواصل الاجتماعي، العديد من ردود الأفعال العامة، وطالب بعضهم في تعليقاتهم على الفيديو بتنظيم حملات توعية في المدارس، بسبب غياب الوعي لدى العدد الأكبر من الأطفال -حسب نتائج التجربة – بينما اقترح آخرون ضرورة إلزام أي جهة تقدم الأطعمة والمشروبات في المطاعم المتحركة وغيرها، بتفعيل وتركب نظام كاميرات المراقبه، وربطها بإدارة الرقابه والتفتيش في البلدية أو الشرطة المجتمعية، مما سيُساعد في حل الكثير من المشكلات عند الحاجة، إضافة إلى مطالبة بعضهم الآخر بالتوعية المستمرة للأسرة والعاملين في مؤسسات الرعاية المجتمعية، إذ نبيّن من خلال هذه التجربة، أن معظم الأهالي لا يمتلكون المعرفة لتوعية أطفالهم من مخاطر التعامل مع الغرباء، مما يستوجب العمل على تقديم دورات توعية لأولياء الأمور أولاً، ليقوموا بدورهم بتوعية أطفالهم بكيفية التعامل مع الغرباء.
من الجدير بالذكر، إن توعية الأسرة بهذا الشأن، يجب أن تقوم على أسس ومعايير دقيقة، أهمها:
-بناء علاقة صحيحة وسليمة بين الأهل وأطفالهم، ليتمكّن الطفل من مصارحة أسرته بما تعرض له.
– مساعدة الأطفال على تجنب مشاعر الخوف، وصقل شخصية الأبناء، من خلال التحدث مع الطفل بشكل مستمر، وحثّه على التحدّث بحرية عن تجاربه اليومية ومشاعره تجاهها، وترك مساحة خاصة به، ليعبر عما يجول بخاطره دون ضغط من الأهل، واستخدام أساليب مختلفة كالرسم والألعاب وغيرها، لمعرفة ما يجول بخاطر الطفل بشكل غير مباشر.
-التعرّف على أصدقاء الطفل، ومعرفة كل أشكال العلاقات التي يقيمها مع الآخرين، وخاصة البالغين.
تجنّب أسلوب التحقيق مع الطفل لتجنبه التوتر، واتباع أسلوب الحوار السليم، والبعيد عن الضغط على الطفل وإجباره على البوح.
-على الوالدين وأفراد الأسرة من البالغين، أن يكونوا قدوة للطفل في المنزل والفضاء الاجتماعي العام، في سلوكهم اليومي وتعاملاتهم اليومية مع الآخرين، لأن الطفل يتعلم بالقدوة أضعاف ما يتعمله بالكلام وإعطاء التوجيهات.
كما من الجدير بالذكر، أنه يجب على الأهل التحدّث مع أطفالهم بشكل مستمر، والانتباه لتصرفاتهم، ومنحهم الأولوية في كل أمور الحياة، ومتابعتهم في المنزل، والملعب والمدرسة وأماكن الترفيه والحدائق، ومتابعة علاقاتهم وأصدقائهم لحمايتهم من العلاقات السامة والمؤذية ومنع تعرضهم للاستغلال بكل أشكاله، وتوعية الطفل بأساليب متعددة لكي يتمكّن من حماية نفسه، والقيام بالتصرف الصحيح والسليم إذا ما تعرض لأمر ما من أشخاص غرباء أو حتى أقارب وأصدقاء، وكي يمتلك قوة الشخصية، وتجاوز مشاعر الخوف والخجل لإخبار والديه أو أحد أفراد العائلة بصراحة تامة، عما تعرض له دون خوف أو تردد، إضافة لتعليم الطفل ضرورة اللجوء إلى أحد البالغين لطلب المساعدة في المدرسة كالمرشد النفسي، أو أحد الأصدقاء ممن يثق بهم في حال تحرّج من إخبار عائلته.
تُعتبر التجربة التي قامت بها إدارة سلامة الطفل، بادرة مهمة جداً، وخطوة على الطريق الصحيح لحفظ سلامة وأمان الطفل، وتحثُّ مؤسسة “نداء” جميع المعنيين برعاية الطفولة والمؤسسات التربوية والاجتماعية المعنية، بتبني هكذا مبادرات وغيرها، مما يُعزّز وعي المجتمع، والأسرة والطفل بأهمية حماية الأطفال من الاستغلال الجنسي بأوجهه المختلفة وشتى أنواع الإساءة، كما إن المؤسسة على استعداد لتقديم المشورة اللازمة للجميع بهذا السياق، ومن الجدير بالذكر أن مؤسسة “نداء” قد نظمت سابقاً حملة توعية خاصة بالأسرة، ويُمكن العودة للمنشورات القديمة في هذا الموقع للاستفادة من النشاطات، والمقالات والبحوث التي نُشرت، والإطلاع على مخرجات الحملة وتفاصيلها .
*المصادر:
-فيديو التجربة المذكورة المنشور على مواقع التواصل الاجتماعي: https://www.instagram.com/sharjahnews/reel/C8rLMKqS-cB
إعداد: فاطمة السوادي/ عضو مؤسسة نداء.