في تعدد مفاهيم الاستغلال الجنسي للأطفال

تتعدد، وتتنوع، وتختلط مفاهيم الاستغلال الجنسي للأطفال، ومن الضروري ضبط المفاهيم الخاصة بالأشكال المختلفة لأوجهه، لأنه ذلك يرتبط مباشرة بالمسؤولية القانونية، وحجم الأضرار التي تقع على الطفل وعائلته، والآثار المترتبة على كل شكل من أشكال الاستغلال، ومن المهم جداً للمتخصصين في مجالات القانون والإرشاد والعلاجي النفسي، معرفة هذه المفاهيم، وحدود كل مفهوم عند تقييم أي حالة اعتداء، ولنبدأ بتعريف عام للاستغلال الجنسي للطفل، ما هو بالضبط وماذا يعني؟

الاستغلال الجنسي للطفل

هو استخدام الطفل من أجل إشباع الرغبات الجنسية لشخص بالغ أو مراهق، ويشمل تعريض الطفل لأي نشاط أو سلوك جنسي، قسراً، أو بأسلوب الترغيب الذي يتلاعب بمشاعر الطفل ويستغل براءته، ويترتب على هذا الاعتداء آثار عديدة، قد ترافق الطفل مدى الحياة، إذا لم تتم معالجتها بشكل مبكر، وبعض أشكال الاعتداء قد تؤثّر لدرجة كبيرة في مستقبل شخصية الطفل، وخياراته الجنسية، وتحديد ميوله الجنسية مستقبلاً، إضافة إلى الآثار الجسدية، بالغة الخطورة في بعض الأحيان.

يعتقد معظم الخبراء، إن الاعتداء الجنسي هو أقل أنواع الاعتداء، أو سوء المعاملة انكشافاً، بسبب السرية أو ما يسميه بعضهم ب: “مؤامرة الصمت”، التي تغلب على هذا النوع من القضايا، لذلك من الصعوبة فعلياً تقدير حجم انتشار هذه الظاهرة، أو الثقة بشكل كبير بالإحصائيات المُعلنة حول نسب انتشارها.

وقد أقرت الأمم المتحدة من خلال المقرر الخاص المعني ببيع الأطفال واستغلالهم جنسيًا، بما في ذلك استغلالهم في البغاء وفي المواد الإباحية وغيرها من مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال، وثيقة مبادىء توجيهية خاصة بالمصطلحات المتعلقة بحماية الأطفال من الاستغلال الجنسي والاعتداء الجنسي، وتقدم هذه الوثيقة إلى الأفراد والوكالات التي تعمل على مكافحة والقضاء على جميع أشكال الاستغلال الجنسي للأطفال والاعتداء الجنسي عليهم، توجيهات بشأن مختلف المصطلحات والمفاهيم التي قد تواجههم في أنشطتهم، وستقوم مؤسسة”نداء” لاحقاً بالتعريف بهذه الوثيقة وتنظم ورش عمل ودورات تدريبية للمعنيين لتعريفهم بها.

للاستغلال الجنسي للأطفال عدة أشكال وأنماط، تندرج جميعها تحت الإطار العام للمفهوم المذكور أعلاه، ويُمكن تلخيصها بما يلي:

*التحرش

 ملامسته الأعضاء التناسلية للطفل ومداعبتها، أو حمله على ملامسة أعضاء المُتحرش جنسياً ومداعبتها، وغالباً ما تبدأ هذه الملامسة بملاطفة الطفل، ومحاولة تقبيله أو تقبيله فعلا ، أو احتضانه، وصولاً إلى ملامسة الأعضاء الجنسية، من أجل وصول المتحرش إلى تحقيق إشباع لرغبته الجنسية.

تندرج تحت مفهوم “التحرش”، مجموعة من السلوكات، والتي يتم فيها استخدام الطفل من أجل الحصول على إشباع رغبة جنسية للبالغ أو المراهق، من مثل: التلصص على عري الطفل، إزالة ملابس الطفل وكشف الأعضاء التناسلية، تعريض الطفل لصور وأفلام إباحية، إجبار الطفل على القيام بسلوكات مثيرة وإغوائية..الخ الخ.

كل أشكال التحرش المذكورة، قد تؤدي إلى سلوك أكثر تمادي، وقد تنتهي بالاتصال الجنسي، في حال تكرارها من قبل الشخص نفسه مع الطفل الضحية.

*الاغتصاب

 مجامعة الطفل بالقوة من قبل شخص راشد أو مراهق، ويتخذ الاغتصاب أيضاً كما التحرش، عدة أشكال، حسب نوع الاتصال الجنسي، والذي يتم مع الطفل لجهة جنسه (ذكر أو أنثى) ويرتبط بذلك مباشرة، وتترتب على هذا الأمر أيضاً آثار مختلفة جسدياً ونفسياً على الطفل، كما يُصنف بعض المختصين، اغتصاب الطفل من قبل أحد أفراد الأسرة تصنيفاً آخر يُسمى: “زنا المحارم” أو “سفاح الأقارب”، والذي تترتب عليه آثار اجتماعية مختلفة عن غيره من أشكال الاعتصاب، وأيضاً تتم المعالجة القانونية مع كل شكل من أشكال الاغتصاب بشكل مختلف، ويندرج تحت مفهوم “الاغتصاب” أيضاً ممارسة أشكال ” الشذوذ الجنسي” المختلفة مع الطفل.

*الاتصال الجنسي

مجامعة الطفل القاصر عبر الترغيب، والإغواء، وبدون استخدام العنف والقوة، بل باستخدام أساليب الملاطفة والتودّد، وكسب ثقة الطفل، ويُعتبر هذا النوع من الاعتداء الجنسي من أخطر أنواع الاعتداء، لأنه قد يطول أمد كشفه، ويترك آثاراً بعيدة الأمد على حياة الطفل، ويُعامل هذا الاعتداء في أغلب دول العالم قانونياُ، التعامل ذاته مع جريمة الاغتصاب.

*الاستغلال الجنسي بهدف الحصول على المال

استخدام الطفل جنسياً من أجل الحصول على المال، ويندرج تحت هذا النوع من الاعتداء: دعارة الأطفال، تصوير الأطفال بأوضاع جنسية معينة، وبيع هذه الصور أو تداولها واستخدامها لأغراض جنسية، استخدام الأطفال في تمثيل أفلام إباحية.

*الاستغلال الجنسي الجنسي عبر شبكة الانترنت

استدراج الأطفال وتصويرهم في أوضاع جنسية، الحصول على صور لأطفال غير معروفين من مواقع التواصل الاجتماعي، واستخدامها لأغراض جنسية بعد التلاعب بها، تعريض الأطفال لمواقع إباحية، أومشاهدة أفلام جنسية إباحية، التواصل مع الأطفال عبر غرف الدردشة وحملهم على الأحاديث الجنسية.

تتكرر هذه الجرائم بأشكال وأساليب مختلفة على شبكة الانترنت، وتوجد شبكات كاملة من أشخاص يقومون بهذا النوع من الاعتداء، وبأعداد تبلغ آلاف لا تخطر بالبال، وذلك حسب تقارير الانتربول الدولي – كما في الصورة المرفقة.

من الجدير بالذكر، أن جميع أشكال الاستغلال الجنسي المذكورة، باتت تُشكل ظواهر خطيرة، تهدد الأسرة وعالم الأطفال حول العالم، وكل ظاهرة من تلك الظواهر تخلف آثار معينة على الطفل والأسرة والمجتمع، ينبغي معالجتها ببرامج علاجية تتفاوت فتراتها حسب كل نوع اعتداء، وأيضاً تترتب عليها عقوبات قانونية حسب نوع كل اعتداء، وحسب قوانين كل بلد.

وبالرغم من أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع، من أجل حماية الطفل من كل أشكال الاستغلال الجنسي، فإن الأسرة بالدرجة الأولى ومن ثم المدرسة، والمجتمع المحلي، يبقون حجر الأساس في الوقاية من هذه الظواهر، وفي تلافي آثار الخطيرة في حال تعرض الطفل لأحدها، ويجب أن تتضافر جهود الجميع من أجل الحد من انتشارها.

المصادر:

*بحث “جريمة اغتصاب الأطفال ودور الصحافة في مكافحتها”، أماني عثمان الخطيب، جامعة السودان، منشورات دار الجنان، 2016م.

* التحرش الجنسي بالأطفال وآثاره في الكبر، رسالة ماجستير، إيمان مسعودي، الجزائر، جامعة العربي بن مهيدي ام البواقي، 2017 -2018م.

* التحرش الجنسي بالأطفال وآثاره في الكبر، رسالة ماجستير، إيمان مسعودي، الجزائر، جامعة العربي بن مهيدي ام البواقي، 2017 -2018م.

* موقع الانتربول الدولي على شبكة الانترنت: https://www.interpol.int/ar/4/16/1

*موقع: اغتصاب براءة الأطفال: https://sites.google.com/site/rapeofchildrensinnocence/home/tryfh—ashkalh—kyfyth

*موقع الأمم المتحدة : https://www.ohchr.org/AR/Issues/Children/Pages/ChildrenIndex.aspx