ما زال المجتمع اللبناني يتابع حيثيات قضية الطفلة “لين” وملابسات وفاتها إثر تعرضها لاعتداء جنسي متكرر، وسط غضب وصدمة كبيرة، لتخرج إلى العلن يوم الجمعة الماضي جريمة اعتداء جنسي بحق طفل بعمر العشرة سنوات، استدعت نقله إلى المشفى، إثر مضاعفات صحة عقب الاعتداء الذي تعرض له، في إحدى بلدات قضاء عكار شمال لبنان.
استدراج الطفل والاعتداء عليه
يرافق الطفل المذكور– الضحية – عادة والده العسكري المتقاعد الذي يعمل في مقهى بإحدى البلدات في قضاء عكار، شمال لبنان، وحسب رواية والدة الطفل: كان الأمر على ما يرام حتى قرر الجاني استدراجه، واغتصابه قبل حوالي عشرة أيام، وتشرحه الأم تفاصيل ما حدث كما يلي:
اقترب الجاني الذي يبلغ عشرين عاماً من العمر، من الطفل عارضاً عليه أن يتوجه وإياه للعب في صالة للكمبيوتر، فكان رد ابني أطلب الإذن من والدي، فوافق زوجي كونه لم يخطر في باله نواياه الخبيثة، وانطلق الطفل معه، وإذ به يتفاجأ حين أخبره الجاني أن المحل مغلق، ليتوجه به إلى طريق فرعية، وفي أرض نائية خلع المجرم ملابسه، وملابس ابني، بدأ التحرش به، وحين همّ لاغتصابه شاهده أحد أبناء البلدة، فسارع لارتداء سرواله، وقد حاول أربع مرات اغتصابه، وفي كل مرة حاول فيها إتمام اعتدائه، كان الشاب يمر على مقربة من مكان الجريمة.
فكر الطفل بالهرب، لكن خوفه من أن يطعنه المجرم بسكين كانت بحوزته منعه عن ذلك، وبدأ المجرم إغوائه بأنه لو سمح له القيام بما يريد، سيصطحبه إلى البحر، وبأنه يفعل الأمر نفسه مع أقارب له، وتضيف الأم:
لملم طفلي جراحه النفسية والجسدية، وعاد برفقة المجرم إلى المقهى، من دون أن يتجرأ على إخبار والده بالجريمة التي ارتكبت بحقه، لكني لاحظت عليه منذ ذلك الحين كيف تغيّر مزاجه، فقد كان دائماً منزعجاً وعصبياً من دون سبب، سألته عدة مرات عما يضايقه، لأسمع الجواب ذاته: لا شيء، وفي تفاصيل كشف الحقيقة تقول الأم:
بعد ثلاثة أيام من ارتكاب الجريمة، بدأ الطفل والدته يُعاني من آلام في البطن، وتقيء قبل أن يفقد وعيه، ونقلته إلى أقرب مستشفى، أطلعني الطبيب أنه يعاني من التهابات حادة، وهناك أصيب بنوبة عصبية، بدأ يضغط على أسنانه، خرجت رغوة من فمه وتخشّب جسده، تبوّل وخرج من دون أن يشعر، طُلب منا نقله إلى مستشفى آخر، وبالفعل قصدنا مستشفى ثان حيث خضع لفحوصات طبية من دون أن تظهر إصابته بأي مرض، ليُطلب منا نقله إلى مستشفى في بيروت، وهذا ما تم، وأخبرتني الطبيبة أنه مصاب بالسحايا، استفسرت منها عن هذا المرض، فقالت أنه فيروس يمكن أن ينتقل عبر الماء أو غيره، فاستبعدت ذلك، كون أولادي لا يشربون سوى مياه معدنية، وقبل أن نخضعه لصورة شعاعية لرأسه، استيقظ من غيبوبته وأخبرني بما تعرض له، فقد قام المجرم باغتصاب الطفل.
وتمكّنت القوى الأمنية من القبض على الجاني، وهو من بلدة مشمش – بلد الضحية نفسها – وسكان برج العرب، بتهمة اغتصاب طفل، والذي يواصل علاجه في إحدى مشافي بيروت.
موقف الأسرة ومعاناة الطفل:
أشارت عدد من وسائل الإعلام اللبنانية، إلى أن الطفل قد أخبر عائلته بما تعرض له، بالرغم أن الجاني قد هدده من كشف أمره، وعاد إلى المقهى بعد القيام بفعلته، وكأن شيئاً لم يكن، إلا أن أسرة الطفل آثرت التستر على الجريمة خوفاً من العار الذي سيلحق بابنها – حسب زعمها- ولم تبلغ الجهات المختصة عن هذه الجريمة إلا بعد أن ساءت حالة الطفل صحياً، فبادرت العائلة إلى إخبار وجهاء البلدة ومن ثم الجهات الأمنية، وحتى رواية الأم المذكورة أعلاه تؤيد هذا التوجه، لأنه من غير الممكن معرفة الأم بتعرض الطفل للتحرش ومحاولة اعتداء متكررة، ومن شخص معروف للعائلة، ولا تقوم بأي رد فعل لحماية طفلها، خوفاً من الوصمة الاجتماعية والشعور بالعار!
*التستّر على الجرائم الجنسية، وخاصة بحق الأطفال هي جناية أخرى وظلم فادح للطفل، يشارك فيها المجتمع كله، ويُساهم هذا الأمر في استمرار المجرم بارتكاب جرائمه، ولعل موقف العديد من العائلات تجاه تعرض أطفالها للاعتداء الجنسي يؤكّد فعلياً ما أشارت إليه الأمم المتحدة ” إن الصمت والوصم يحيطان بالعنف الجنسي ضد الأطفال، واللذين يستندان إلى الأعراف الاجتماعية الضارة، وعدم المساواة بين الجنسين، ونتيجة لذلك، لا يفصح العديد من الضحايا عن تجاربهم أو لا يلتمسون المساعدة، ومرد ذلك إلى أسباب شتى، لكنها يمكن أن تشمل الخوف من الانتقام، والتجريم، والشعور بالذنب، والشعور بالعار، والارتباك، وانعدام الثقة في القدرات، أو عدم استعداد الآخرين للمساعدة، والافتقار إلى المعرفة بما يكون متاحا من خدمات الدعم).
*التوعية كضرورة:
بات من الضروري والحتمي رفع مستوى الوعي المجتمعي بهذه القضية، وتجنيب الأطفال الحالة المأساوية التي قد يعيشون فيها، لذلك من واجب كل الجهات المسؤولة، وكل الأفراد وجماعات العمل المدني في المجتمع، العمل بشكل مستمر على توعية وتثقيف العائلات بهذه المشكلة، وتغيير اتجاهات الناس حيالها، والتأكيد أن العار يلحق بالمجرمين وليس بالضحايا، وخاصة الأطفال منهم، ولم تعد مسألة التوعية بهذا الصدد مسألة جانبية بل هي أولوية وذات أهمية قصوى لحماية الأطفال وتجنيبهم التعرض لمثل هذه التجارب المؤلمة.
*فيما يخص حالة لبنان بهذا الصدد، من الجدير بالذكر إن حالات العنف الجنسي ضد الأطفال في لبنان ارتفعت من 10% عام 2020م، إلى 12% عام 2022م، وتُبين الإحصائيات في الشكل المرفق حجم وخطورة هذه المشكلة التي تحولت إلى ما يُشبه الظاهرة في المجتمع اللبناني:
*المصادر: الموقع الإلكتروني لتلفزيون إم تي في اللبناني، الموقع الإلكتروني لقناة الحرة الأمريكية، وكالات، مواقع التواصل الاجتماعي.
*إعداد: خولة حسن الحديد.