القانون والاستغلال الجنسي للأطفال

*نظرة على القوانين السورية والدراسات الرسمية  

إذا كنا قد نتفق على وجود ضعف في الإعلام والتربية، فيما يخص قضايا الاستغلال الجنسي للأطفال، فإننا لا يُمكن أن نتجاوز مسألة مهمة جداً بهذا السياق، وهي “القانون”، والذي يحتاج إلى الكثير من التعديلات في كل البلاد العربية ، بما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية التي وقعّت عليها كافة هذه الدول، ونستعرض هنا نموذج القانون السوري.

لا يوجد قانون خاص لحماية الطفل من الإساءة، أو العنف، أو الاعتداء الجنسي أو الاستغلال في القانون السوري، بل جاءت تلك الحماية مبعثّرة في عدة قوانين، وبشكل غير واضح.

قانون العقوبات حمى الأطفال من الاعتداءات الجنسية والعنف، وشدّد قانون  العقوبات على مرتكبي جرائم إغواء القاصرين، وممارسي الفحشاء، وتركّزت في الباب التاسع المتعلق في الجرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة، دون وجود باب خاص.

في دراسة أعدتها المحامية “دعد موسى”، بيّنت أسباب تعرض الأطفال للاستغلال والسفاح في سورية، ومنها ضعف وظيفة الأسرة، وغياب ثقافة الحوار، بالإضافة إلى الفقر، والبطالة، والوضع الاقتصادي، وانعدام الشروط الصحية والمعيشية في المساكن، ما يؤدي إلى سفاح القربى، وأيضاً تمضية أوقات الفراغ في الشوارع، لعدم توافر أماكن تسلية وترفيه، و عدم كفاية القوانين التي تحكم مسألة الاعتداءات الجنسية، ويُضاف إلى ذلك تعامل الجهات الأمنية مع المشكلة بشكل سلبي، والتكتم على الاعتداءات لدرء الفضيحة، ومما يساعد على ذلك أيضاً، وسائل الإعلام والتي تبث أحياناً برامج تثير الغرائز الجنسية، في مجتمع مكبوت، وكذلك ضعف جسم الأطفال، وعدم قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم، وعمل الأطفال، والزواج المبكر بالنسبة للفتيات، والتسرب المدرسي… الخ .

الاغتصاب جناية والسفاح جنحة!

بالإضافة إلى كل ما سبق ذكره، توجد ثغرة واضحة في القانون السوري، فهو يعتبر الاغتصاب جناية بينما يعتبر السفاح جنحة!!!

ما يثير الاستغراب والتساؤل عن سبب هذا التخفيف، رغم ما يسببه من شرخ  في شخصية الطفل والمجتمع.

أخيراً هنالك أمور يجب الاهتمام بها من قبل الدولة، كمراجعة التشريعات المتعلقة بالإساءة إلى الأطفال واستغلالهم، وإهمالهم، وإقرار سياسة وطنية واضحة، ترتكز على تقويم وتحليل شاملة لواقع العنف على الأطفال، وطبيعة وأسباب ونتائج العنف، واعتماد دراسات علمية ومنهجية، لرسم السياسات والبرامج، ومتابعة المنهج التعليمي للتكلفة الاجتماعية الاقتصادية المترتبة على ممارسة العنف ضد الأطفال، وتوفير الآليات التي بين الأطفال للإبلاغ والشكوى، مع ضمان الكشف المبكر عن حالات الإساءة، عن طريق تدريب كوادر متخصصة في كل المؤسسات التربوية والصحية وغيرها.

يبقى المنبر الأساسي، وهو الإعلام الذي تقع عليه مسؤولية الوعي المجتمعي، من خلال وسائله المتعددة، المقروءة، والمسموعة،ووسائل التواصل الاجتماعي، ومختلف أنواع المطبوعات من بوسترات وإعلانات طرقية وغيرها. .

 سورية وقّعت على اتفاقية حقوق الطفل، والتزمت بتطبيق بنودها، ومنها ما يتعلق بحماية الطفل من الاستغلال الجنسي، وحمايتهم، ورعايتهم في الأسرة الآمنة، والمساندة من قبل الدولة والمجتمع، ومن الواجب اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ بنود الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها، لألا تبقى مجرد حبر على ورق.

*إعداد: المحامية رهادة عبدوش، مسؤول الشؤون القانونية في مؤسسة نداء.