الاعتداء الجنسي على الأطفال يتحول إلى وباء في بريطانيا حسب أحدث التحقيقات

نشرت وكالة “رويتر”، وكبرى وسائل الإعلام البريطانية مؤخراً، نتائج تحقيق بريطاني يقول:( إن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات عاجلة بشأن الانتهاكات الجنسية بحق الأطفال)، ويُبين التحقيق أن خُمس الشباب البريطاني يتعرض للإيذاء في سن 16، مع تجاهل الجرائم أو التستر عليها من قبل المؤسسات، في حين أكّد محامو الضحايا على وجوب أن تكون التوصيات أكثر صرامة.

تفاصيل التحقيق

استمر التحقيق المستقل في الاعتداء الجنسي على الأطفال (IICSA)، سبع سنوات، هو أحد أكبر، وأوسع، وأثمن التحقيقات من نوعها على الإطلاق في بريطانيا، وتم الإعلان عن نتائجه يوم الخميس الموافق 20 اكتوبر 2022م، وقد خلص إلى أن الاعتداء الجنسي على الأطفال منتشر في بريطانيا، ويؤثر على ملايين الضحايا، ويجب محاكمة من يعملون مع الناشئين إذا لم يبلغوا عنه.

كما أفاد التجقيق إن المؤسسات والسياسيين، أعطوا الأولوية للسمعة على رفاهية الشباب، مما يعني إخفاء الأعمال المروعة لعقود، بينما لا تزال هناك تدابير حماية غير كافية، وأكّد إن القضية تُعتبر أزمة عالمية، حيث سيتعرض الأطفال للخطر ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة.

قالت “ألكسيس جاي”، خبيرة الرعاية الاجتماعية، للصحفيين: (إن طبيعة وحجم الانتهاكات التي واجهناها، كانت مروعة ومقلقة للغاية، وهذا ليس مجرد انحراف تاريخي حدث منذ عقود، إنه مشكلة متزايدة باستمرار، ووباء وطني).

تم فتح تحقيق في يوليو 2014م، بعد سلسلة من فضائح إساءة المعاملة الصادمة، والتي يرجع تاريخ بعضها إلى عقود ماضية، وكان أبرزها ما يتعلق بنجم تلفزيون البي بي سي الراحل “جيمي سافيل”، فبعد وفاته في عام 2011م، تم الكشف عن أنه أحد أكثر مرتكبي الجرائم الجنسية انتشاراً في بريطانيا.

جيمي سافيل

عشرات التقارير والتحقيقات ومئات الشهود

نشر التحقيق الموسّع 15 تحقيقاً، وعشرات التقارير الأخرى، وفهرس تفاصيل الانتهاكات المروعة في المؤسسات، بما في ذلك الكنيسة الكاثوليكية، وكنيسة إنجلترا، والمركز السياسي البريطاني في وستمنستر.

أولوية السمعة!

وجدت التحقيقات أن الأغنياء وذوي العلاقات الجيدة، عوملوا بشكل مختلف عن الفقراء ، مع “إعطاء الأولوية للسمعة على احتياجات الأطفال وسلامتهم”، وبهذا الصدد قالت “جاي”: (غالباً ما كان يُظهر الاحترام للأشخاص البارزين، بما في ذلك أعضاء المجالس والنواب -أعضاء البرلمان- ورجال الدين البارزين، من قبل أولئك الذين كانت مهمتهم التحقيق في المزاعم، وحتى عندما حاولوا إجراء تحقيق شامل، غالبًا ما طلب منهم رؤسائهم التراجع).

ألكسيس جاي

استمع التحقيق إلى 725 شاهداً خلال 325 جلسة استماع، بدأت في فبراير 2017 م، ومعالجة ما يقرب من 2.5 مليون صفحة من الأدلة، كما ربط أكثر من 6000 ضحية وناجين من الإساءات تجاربهم بـ “مشروع الحقيقة” في التحقيق، وأوضحت “جاي” إن الإساءة تضمنت أطفالاً، ورضعاً وصغاراً، وغالباً ما يرتكبها شخص يعرفونه ويثقون به، ويرافقه عنف شديد وأعمال سادية، مما تسبب في ألم جسدي مؤلم، وأضافت: (إنه حقير، ومهين، وعواقبه كثيراً ما تستمر مدى الحياة بالنسبة للضحايا).

قال التحقيق إن مسح الجريمة لعام 2019م، أشار إلى وجود 3.1 مليون ضحية وناجية من الانتهاكات في إنجلترا وويلز، أو حوالي 7.5٪ من السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 75 عاماً، وقالت “جاي” إنه في أي مجموعة من 200 طفل ، سيكون 10 فتيان وأكثر من 30 فتاة ضحايا قبل سن 16 عاما، كما أظهرت الإحصاءات أن سن الضحايا أصبح أصغر سناً، مع زيادة بنسبة 45٪ في الجرائم، ضد أولئك الذين تقل أعمارهم عن 4 سنوات في السنوات الأخيرة، وأفاد التحقيق إنه حتى أثناء إجراء تحقيقاته، ارتفع حجم الانتهاكات عبر الإنترنت بشكل كبير.

موقف الحكومة البريطانية

قُدمت كنتيجة للتحقيق 20 توصية، مع ثلاثة تدابير رئيسية: قانون جديد يُلزم بعض الأشخاص الذين يعملون مع الأطفال بالإبلاغ عن الإساءة أو مواجهة إجراءات جنائية، إنشاء هيئة حماية الطفل، وخطة تعويض لتقديم المساعدة المالية للناجين من الانتهاكات.

تعقيباً على نتائج التحقيق، قالت الحكومة البريطانية، إنها سترد على تقرير التحقيق في غضون ستة أشهر، والتزمت ب “ترجمة موقفها إلى عمل”، وقد رحب المحامون الذين مثّلوا الضحايا المشاركين في التحقيق، بالنتائج التي توصّل إليها، لكنهم قالوا: (إن التوصيات لم تكن كافية)، وقال “ريتشارد سكورر” رئيس قانون الإساءة: (سنكافح من أجل تعزيز هذه المقترحات، أثناء مرورها في البرلمان، حتى تتمكن الأجيال القادمة من الأطفال، من تأمين الحماية الشاملة التي يحتاجونها).

المصادر:

*وكالة رويترز- لندن:

https://www.reuters.com/world/uk/five-year-uk-child-abuse-inquiry-deliver-conclusions-2022-10-19/

*بموقع ي بي سي الانكليزية الإلكتروني.

*حساب”ريتشارد سكورر” على تويتر: @Richard_Scorer

*لقاء تلفزيوني مع ريتشارد سكورر Talk TV منشور في تويتر.

*إعداد: خولة حسن الحديد