عند الحديث عن الاستغلال الجنسي للأطفال يتبادر إلى أذهاننا أن يكون الجاني من الذكور، وأن يكون الضحايا من الأطفال إناثاً أو ذكوراً، وهو الأمر الشائع عادة، إلا أن الأمر يمكن أن يكون عكسياً، بحيث يتم استغلال طفل ذكر من قبل امرأة، وهو أمر غير متداول لاعتبارات عديدة، وأهمها أن هذه الحالات من الاستغلال في مجتمع ذكوري، تُعتبر غنيمة للذكر، حتى وإن كان طفلاً-للأسف- والحديث هنا ليس عن ما يتم بين الأطفال من الجنسين، ومن أعمار متقاربة، من ألعاب أحياناً تأخذ طابعاً جنسياً بدافع الفضول والاستكشاف، والتي لا تأخذ منحى التكرار، ولا يُمكن وصفها بالاعتداء، وإنّما هو عن العلاقة الحميمة التي تحدث بين أنثى بالغة وطفل ذكر، أو ناشىء “قاصر”.
قصة من الواقع
إحدى الأمثلة على ذلك، قصة حدثت مع زميل لنا في المدرسة الإعدادية، اسمه “أحمد”، وكنا في الثالثة عشر حينها، فقد أسرّ لي متفاخراً ذات مرة بأن علاقة حميمية تجمعه بجارته ذات الثامنة والثلاثين عاماً، وهي صديقة عمته التي في مثل سنها، وقد أخبرني أنهما يلتقيان يومياً في بيت عمته تلك، وقد عرض علي التثبت من حقيقة كلامه بنفسي، و اتفقنا على مكان معين أقف فيه مراقباً.
رغم أنني لم أرَ ما حدث في الداخل، إلا أنني شهدتُ دخول المرأة إلى بيت عمته، ومغادرة عمته بعد قليل، وإيعازها له بالإشارة بخلو الجو ثم دخوله على الفور، ليمضي في الداخل حوالي نصف الساعة، ثم يغادر لتعود بعد ذلك عمته إلى بيتها.
سألتُ صديقي يومها: كيف تسمح له عمته بالاختلاء بصديقتها في بيتها؟
فزعم أن عمته لم تكن تعلم، أو تتوقع أن ثمة أمر بينهما.
مع تكرار الأمر عدة مرات متقاربة لمدة أسبوع تقريباً، لفت وجودي في المكان ذاته انتباه عمته، فدعتني ذات مرة إلى مرافقتها في “مشوار” ريثما يخرج أحمد إلي، فرفضت خوفاً ولم أعد إلى ذلك المكان.
مع الوقت ، أصبحت مغامرة صديقي محور أحاديثنا، وقد شاركنا لاحقاً هذا السر ولدين آخرين، ليتكشّف لنا لاحقاً أن أحد الولدين أيضاً كان له علاقة مشابهة بامرأة أخرى، أطلعنا على تفاصيلها، وكذلك زعم ولد آخر لكنه فضل “حفظ السر” كما قال.
بعد مرور عام تقريباً، وقد أصبح الحديث عن هذا الموضوع يأخذ طابع النكتة والتندر، بدأ أحمد يظهر شراسة شديدة تجاه شقيقتيه اللتين كانتا معنا في المدرسة نفسها، لدرجة أنه كان يجبرهما على قضاء الاستراحات بين الدروس منعزلتين تماماً، ثم لتتوقف الفتاتان عن الدراسة، ولا أعلم ما إذا كان سبب توقفهما عن الدراسة بسبب المشكلات التي كان يفتعلها أحمد معهما أمام التلاميذ على مدى شهور.
اعتداءات واستغلال جنسي على الأطفال والناشئين من قبل إناث
يُعتبر الاعتداء الجنسي على الأطفال والناشئين الذكور، من قبل البالغات من الإناث أمر غير مفهوم، وقد لا يصدقه كثيرون، لكنه للأسف، يحدث واقعياً، ولا توجد إحصائيات دقيقة حول هذا الموضوع، إذ أظهرت الأبحاث أنّ 80% من الأطفال المُستغَلّين جنسيًّا يُستغَلّون من شخص يعرفونه ويثقون به، وأنّ هذه الجريمة هي جريمة رجاليّة بغالبيّتها، إذ أنّ 97% من المستغلّين هم ذكور و87% من الضّحايا هنّ إناث، وتغيب الإحصائيات عن المعتديات من الإناث.
بالرغم من الإحصائيات ومؤشراتها، فإن الاعتداء من قبل البالغات من الإناث على الأطفال والقصر، هو أمر يحدث في الواقع، وقد نشرت في وسائل الإعلام وفي بعض التقارير الدولية، العديد من حالات مثل هذا الاعتداء، وفي كثير منها كانت المعتديات أو المستغلات للطفل، أما من محيط أسرته وإحدى نساء عائلته، بما يندرج تحت اسم “زنا المحارم أو سفاح القربى”، أو في محيط الطفل التعليمي كرياض الأطفال، والمدارس والأندية الرياضية، والأمثلة على ذلك عديدة.
حادثة اعتداء على أطفال حضانة في البرازيل من قبل المشرفات
في عام 2017م، ضجّت وسائل الإعلام البرازيلية، ومن ثم العالمية، بواقعة اعتداء عاملتين من عاملات الحضانة على أطفال، من خلال انتشار فيديو يوثّق الاعتداء ذاك، إذ اتهمت كل من “ريتا دي كاسيا فوجاكا” و”جاسيرا نونيس” بالاعتداء الجنسي على الأطفال صغار السن، في مركز حضانة محلي، في إيتاتينغا جنوب شرق البرازيل، كما أنهما اتهمتا بتشجيع الأطفال الأكبر سنا على الاعتداء الجنسي” على الأطفال الأصغر سناً.
الصادم في هذه الحادثة، كان سن الأطفال، والذين تتراوح أعمارهم ما بين سنتين وأربع سنوات، والذين أظهرهم الفيديو المنشور وهم يصفعون ويسحبون من الشعر، ويلكمون، ويرمون بالمراتب، أو يقذف بهم تحت الفرش بطريقة بشعة، وتُظهر لقطات فتاة صغيرة يمسك بها ويقبلها قسراً صبي أكبر منها سناً، وقد كشف “جوا مورايس دى اوليفيرا” مدير التعليم السابق بالمنطقة المذكورة، أن التحقيق في الاشتباه بتعرض الأطفال للاعتداء من قبل المشرفين قد تم في العام الماضي، ولكنه لم يأت بنتيجة بسبب عدم وجود دليل، وبعد ذلك تم تركيب الكاميرات في المرفق الذي يخدم حوالي 70 من الأطفال الرضع وصغار السن.
كانت بعض أمهات الأطفال قد اشتكت من التغيير المفاجىء في سلوك أطفالهن، واستهجنَّ بعض سلوكياتهم غير المعتادة، وقال مشرفون نفسيون أن الأطفال تعرضوا لصدمة نفسية شديدة، وتدخلت جماعات الخدمات الاجتماعية لتقديم المشورة النفسية لهم ولذويهن، وقد أنكرت المشرفتان وهما الآن محتجزتان في السجن، أي تهمة أو القيام بعمل خاطئ، كما تدخلت جماعات الخدمات الاجتماعية لتقديم المشورة النفسية للصغار المصابين بصدمات نفسية.
الحادثة المذكورة سابقاً، ليست الوحيدة، وتتوارد أخبار عن أشكال مختلفة لاستغلال الأطفال الذكور من قبل إناث بالغات، إلا أن أحدث تقارير منظمة اليونيسيف الصادرة مؤخراً، تؤكّد على أنه ثمة فجوات مستمرة في البيانات، خصوصاً ما يتعلق بتجارب الأولاد، وأشكال العنف الجنسي التي تجري دون اتصال مباشر، مما يُبرز الحاجة إلى زيادة الاستثمار في جمع البيانات لتلتقط الحجم الكلي للعنف الجنسي ضد الأطفال.
*المصادر:
-منظمة اليونيسيف: https://www.unicef.org/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D8%A1-
-العربية نت:
https://www.alarabiya.net/last-page/2017/07/15/%D8%AE%D8%A8%D8%B1
*إعداد: زيدون الجندي، خولة حسن الحديد.